وفي نسخة: وإذا للظرفية المجردة، والفاء في "فاشتغل بطاعتنا" زائدة على النسختين، والتعليل أظهر، "ولا تبال بقولهم": ساحر، كاهن، مجنون، وغير ذلك، "ثم إن الاشتغال بالعبادة إما أن يكون بالنفس، وهو قوله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ} أمر بالصلاة مطلقًا، أو التهجد، وكان الظاهر، فأشكر، فعدل عنه؛ لأن مثل هذه النعمة العظيمة ينبغي أن يكون شكرها كذلك، وأعظم ذلك العبادة، وأعظمها الصلاة، "وإما بالمال، وهو قوله: {وَانْحَرْ} أمر بتقريب البدن؛ لأن النحر يختص بها وفي غيرها، يقال: ذبح، "وتمل قوله: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ} كيف ذكره بلفظ الماضي، ولم يقل: سنعطيك" بلفظ المضارع، "ليدل" صلة ذكره، "على أن الإعطاء حصل في الزمان الماضي" كما "قال عليه الصلاة والسلام: "كنت نبيًا وآدم بين الروح والجسد"، رواه أحمد والبخاري في التاريخ وغيرهما، ومر الكلام عليه أول الكتاب. "ولا شك أن من كان في الزمان الماضي عزيزًا، مرعي الجانب، أشرف ممن سيصير، كذلك كأنه تعالى يقول: يا محمد قد هيأنا": يسرنا وسهلنا "أسباب سعادتك قبل دخولك في هذا الوجود، فكيف أمرك بعد وجودك واشتغالك بعبوديتنا"، استفهام تفخيم وتعظيم، أي: فاعتقد من الكمالات التي تحصل لك بعد وجودك ما شئت، فإنها لا نهاية لها. "يا أيها العبد الكريم إنا لم نعطك هذا الفضل العظيم" المعبر عنه بالكوثر، "لأجل طاعتك، وإنما اخترناك بمجرد فضلنا وإحساننا من غير موجب"، مرتب على ما قبل الاستفهام،