للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف المفسرون في تفسير الكوثر على وجوه.

منها: أنه نهر في الجنة، وهذا هو المشهور والمستفيض عند السلف والخلف، روى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما أنا أسير في الجنة إذ أنا بنهر حافتاه قباب الدر المجوف، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك، فإذا طينه مسك إذفر" رواه البخاري.


أي: هيأنا أسباب سعادتك قبل دخولك في هذا الوجود، لا لأجل طاعتك المتأخرة، بل فضلًا، وليس مرتبًا على الاستفهام لئلا يكون فيه بعض تناف.
"واختلف المفسرون في تفسير الكوثر على وجوه" وصلت إلى نحو عشرين قولًا، "منها: أنه نهر في الجنة، وهذا هو المشهور المستفيض عند السلف والخلف" ودليله أنه "روى أنس" بن مالك؛ "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بينما" "بالميم" "أنا أسير في الجنة إذا أنا بنهر" وللترمذي: إذ عرض لي نهر، أي: ظهر، وللبخاري في التفسير عن أنس، قال: لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء قال: "أتيت على نهر، "حافتاه" "بحاء مهملة وخفة الفاء" جانباه؛ لأنه ليس أخدودًا، أي: شقا مستطيلًا في الأرض، يجري فيه الماء حتى يكون له حافتان، ولكنه سائل على وجه أرض الجنة، ومعلوم أنه ليس عامًا في جميعها، فما جاوز ما انتهى سيلانه إليه هو جانبه.
روى أبو نعيم والضياء عن أنس، قال: قال صلى الله عليه وسلم: "لعلكم تظنون أن أنهار الجنة أخدود في الأرض، لا والله إنها لسائحة على وج الأرض"، "قباب" "بكسر القاف وخفة الموحدة" جمع قبة، وللترمذي: حافتاه فيهما لؤلؤ مثل القباب، فالمراد في جانبيه مثل قباب "الدر المجوف": "بفتح الواو مشددة" صفة للدر، وهو كبار اللؤلؤ حقيقة، وتجويز أن مثله في الحسن والنضارة، خلاف الظاهر بلا داعية، "قلت: ما هذا يا جبريل؟، قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك"، وعطف على مقدر، أي: فنظرت له، "فإذا طينه مسك" إذ المفاجأة إنما تترتب على النظر لا على أعطاك ربك، ويدل له رواية الترمذي عن أنس، قال: أي: المصطفى: ثم ضرب، أي: جبريل، بيده إلى طينه فاستخرج مسكًا، أي: إظهار الشرف المنعم به، وسماه طينًا جريًا على العادة في كون مقر الماء طينًا، كما قال الدلجي وغيره، فلا بد من تقدير في قوله: طينه مسك، ليصح الحمل، وهو هنا في المبتدأ، أي: فإذا مادة ما تحت مائه مسك، ولا يقدر في الخبر، أي: مثل مسك؛ لأنه خلاف الظاهر من الأحاديث؛ أنه يجري على المسك، ولا يعارضه حديث عبد الله بن عمرو بن العاصي، ومجراه على الدر والياقوت؛ لأنهما فوق طينه الذي هو مسك، كما أن الأنهار تجري على طين وحصى، فهذا حصاه جواهر وطينه مسك، "أذفر" "بمعجمة

<<  <  ج: ص:  >  >>