للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: علماء أمته، وقيل: الإسلام، ولا ريب أنهما من الخير الكثير، فالعلماء ورثة الأنبياء، كما رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وأما "علماء أمتي كأنبياء بني


ابن عباس بهذا بيان ما وضع له لغة، أو بيان معنى عام خص في الآية، فلا كلام فيه، وإن أراد تفسير الآية فالنص النبوي جاء بخلافه، كما مر ويأتي.
"وقيل: النبوة وهي من الخير الكثير" الذي أعطيه، "وقيل: علماء أمته" وجعل البيضاوي مجموع أولاده والاتباع العلماء لا واحد العلة، قول آخر لم يذكره المصنف.
"وقيل: الإسلام ولا ريب"، لا شك "أنهما" أي: الإسلام والعلماء "من الخير الكثير" الذي فسر به ابن عباس الكوثر، فلا يقصر عليهما ولا على النبوة ولا غيرها، بل يعم شرف الدارين، "فالعلماء ورثة الأنبياء"؛ لأن الميراث ينتقل للأقرب، وأقرب الذين فازوا بالحسنيين العلم والعمل، وحازوا الفضيلتين الكمال والتكميل، ولا رتبة فوق رتبة النبوة، فلا شرف فوق شرف وارث تلك الرتبة، ولذا اشتغلت الملائكة وغيرهم من المخلوقات بالاستغفار والدعاء لهم إلى يوم القيامة.
وروى ابن عدي وأبو نعيم والديلمي عن علي، رفعه: العلماء مصابيح الأرض، وخلفاء الأنبياء، وورثتي وروثة الأنبياء، قال تعالى: {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا} [فاطر: ٣٢] .
قال الكشاف: ما سماهم ورثة الأنبياء، إلا لمداناتهم لهم في الشرف والمنزلة؛ لأنهم القوام بما بعثوا من أجله.
وقال الغزالي: لا يكون العالم وارثًا إلا إذا طلع على جميع معاني الشريعة، حتى لا يكون بينه وبينه إلا درجة النبوة، وهي الفارق بين الوارث والموروث، إذ هو الذي حصل له المال واشتغل بتحصيله، واقتدر عليه، والوارث هو الذي لم يحصله، لكن انتقل إليه وتلقاه عنه. انتهى.
"كما رواه أحمد وأبو داود والترمذي" وابن ماجه والبيهقي، كلهم عن ابي الدرداء، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة، وأن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وأن العالم ليستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد، كفضل القمر على سائر الكواكب، وأن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر"، صححه ابن حبان والحاكم وغيرهما، وحسنه حمزة الكناني، وضعفه الترمذي وغيره بالاضطراب في سنده.
قال السخاوي: لكن له شواهد يتقوى بها، ولذا قال شيخنا: له طرق يعرف بها أن

<<  <  ج: ص:  >  >>