للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنه أعطاها، فوجب حمل الكوثر على ما وصل إليه في الدنيا، وأشرف الأمور الواصلة إليه في الدنيا هو العلم والنبوة، فوجب حمل اللفظ على العلم، والثالث: أنه لما قال {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} قال عقبة: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَر} والشيء الذي يتقدم على العبادة هو المعرفة؛ ولأن "الفاء" في قوله فصل للتعقيب، ومعلوم أن الموجب للعبادة ليس إلا العلم.

وقيل: الكوثر الخلق الحسن، كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث: "ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة". رواه الطبراني. وعن ابن عباس: جميع نعم الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم.

وبالجملة: فليس حمل الآية على بعض هذه النعم أولى من حملها على الباقي، فوجب حملها على الكل، ولذا روي أن سعيد بن جبير لما روى هذا القول


الْكَوْثَرَ} بصيغة الماضي، "والجنة سيعطيها لا أنه أعطاها، فوجب حمل الكوثر على ما وصل إليه في الدنيا" إبقاء للفظ أعطينا على حقيقته، "وأشرف الأمور الواصلة إليه في الدنيا، هو العلم والنبوة، فوجب حمل اللفظ على العلم" كأنه قصره عليه مع اشتراكه مع النبوة في أنهما أشرف ما وصل إليه؛ لأن العلم مترتب عليها، فكأنه المقصود بالوحي، وثمراته كثيرة بخلاف النبوة، فخاصة به عليه الصلاة والسلام.
"و" الوجه "الثالث: أنه لما قال: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} ، قال عقبة: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} ، والشيء الذي يتقدم على العبادة هو المعرفة" أي: العلم بالأحكام، فيفيد أنه المراد؛ "ولأن الفاء في قوله فصل، للتعقيب، ومعلوم، أن الموجب"، أي: السبب المقتضي "للعبادة ليس إلا العلم"، فيفيد أنه المراد، لكن هذا كله استنباط عقلي لا يلاقي تفسيره صلى الله عليه وسلم بأنه نهر في الجنة.
"وقيل: الكوثر: الخلق الحسن"؛ لأن به سعادة الدارين، "كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث: "ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة"، رواه الطبراني" والبزار، "وعن ابن عباس" أن الكوثر "جميع نعم الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم"، فشمل النبوة والعلم، وجميع ما مر وغيره من النعم التي لم تذكر.
"وبالجملة، فليس حمل الآية على بعض هذه النعم أولى من حملها على الباقي، فوجب حملها على الكل، ولذا روي أن سعيد بن جبير لمغا روى هذا القول"، إن الكوثر

<<  <  ج: ص:  >  >>