للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن ابن عباس قال له بعضهم: إن ناسًا يزعمون أنه نهر في الجنة، فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه.

قال الإمام فخر الدين بن الخطيب: قال بعض العلماء: ظاهر قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر} يقتضي أنه تعالى قد أعطاه ذلك الكوثر فيجب أن يكون الأقرب حمله على ما آتاه الله تعالى في الدنيا من النبوة والقرآن والذكر العظيم


جميع النعم، "عن ابن عباس" لكن الذي رواه البخاري من طريق أبي بشر وعطاء بن السائب، عن سعبد بن جبير، عن ابن عباس، قال: الكوثر: الخير الكثير الذي أعطاه الله إياه.
قال أبو بشر: فقلت لسعيد: إنا ناسًا يزعمون أنه نهر في الجنة، فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه، "قال له بعضهم"، هو أبو بشر جعفر بن أبي وحشية، واسمه إياس: "إنا ناسًا" وفي رواية: أناسًا "بضم الهمزة" وسمي منهم أبو إسحاق السبيعي وقتادة "يزعمون" يقولون، "أنه نهر في الجنة، فقال سعيد: النهر الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه"؛ لأن النهر فرد من أفراد الخير الكثير، فلا تنافي، لكن صرح صلى الله عليه وسلم؛ بأنه نهر في الجنة، كما في مسلم، ويأتي، وكما مر عن الصحيحين في حديث المعراج؛ أن جبريل قال له: هذا الكوثر الذي أعطاك ربك.
وفي الصحيح عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود؛ أنه سأل عائشة عن قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر} ، قالت: نهر أعطيه نبيكم في الجنة، شاطئاه عليه در مجوف، آنيته كعدد النجوم، فأي معدل عن هذا على أنه قد ورد عن ابن عباس تفسيره بالنهر. فكأن بلغه عن المصطفى، فرجع عن الاستنباط.
أخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عباس في قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر} ، قال: هو نهر في الجنة، عمقه سبعون ألف فرسخ، ماؤه أشد بياضًا من اللبن، وأحلى من العسل، شاطئاه من اللؤلؤ والزبرجد والياقوت، خص الله به نبيه قبل الأنبياء، وما ذكر في عمقه لا يخالفه ما رواه ابن أبي الدنيا.
عنه أيضًا أنه سئل: ما أنهار الجنة، أفي أخدود؟، قال: لا، ولكنها تجري على أرضها، لا تفيض ههنا ولا ههنا؛ لأنه أجيب؛ بأن المراد أنها ليست في أخدود، كالجداول ومجاري الأنهار في الأرض، بل سائحة على وجه الأرض مع عظمها وارتفاع حافاتها، فلا ينافي ما ذكر في عمقها.
"قال الإمام فخر الدين بن الخطيب" الرازي: "قال بعض العلماء: ظاهر قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَر} ، يقتضي أنه تعالى قد أعطاه ذلك الكوثر، فيجب أن يكون الأقرب

<<  <  ج: ص:  >  >>