للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا شك في كفره لتكذيبه القرآن وجحده ما تلقته قرون الإسلام خلفًا عن سلف، وصار معلومًا بالضرورة عند الخاص والعام، ولا أعلم في ذلك خلافًا، فلو كان غبيًا لا يعرف ذلك وجب تعليمه إياه، فإن جحده بعد ذلك حكمنا بكفره. انتهى.

فإن قلت: هل هو عليه الصلاة والسلام باق على رسالته إلى الآن؟

أجاب أبو المعين النسفي: بأن الأشعري قال: إنه عليه الصلاة والسلام الآن


الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: ٢] ، وقال تعالى: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَك} [هود: ٣١] ، "وجحده ما تلقته قرون الإسلام خلفًا عن سلف، وصار معلومًا بالضرورة عند الخاص والعام، ولا أعلم في ذلك خلافًا، فلو كان غبيًا" "بمعجمة فموحدة" جاهلًا قليل الفطنة، "لا يعرف ذلك وجب تعليمه إياه، فإن جحده" أي: المعلوم بالضرورة "بعد ذلك حكمنا بكفره"؛ لأن إنكاره كفر، أما إنكاره أليس ضروريًا، فليس كفرًا، ولو جحده بعد التعليم على ما اقتضاه شراح البهجة لشيخ الإسلام زكريا. "انتهى" جواب الولي.
وتعقبه بعض شراح مسلم بقول الحليمي في منهاجه الإيمان به صلى الله عليه وسلم، أي: التصديق بأنه رسول إلى الإنس والجن إلى قيام الساعة، يتضمن الإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين، فلذا اكتفي به في المقارنة للإيمان بالله تعالى، ومن آمن به صلى الله عليه وسلم، وقال: لا أدري أكان بشرًا، أم ملكًا، أم جنيًا، لم يضره ذلك إن كان ممن لم يسمع شيئًا من أخباره سوى أنه رسول الله، كما لو يعلم أنه كان شابًا، أو شيخًا مكيًا، أو عراقيًا، أو أعجميًا؛ لأن شيئًا من ذلك لا ينافي الرسالة، لإمكان اجتماعهما، بخلاف ما لو قال: آمنت بالله، ولا أدري أجسم هو أم لا؟؛ لأن الجسم لا يمكن أن يكون إلهًا، فتبين بذلك أن معرفته صلى الله عليه وسلم ليست شرطًا في صحة ابتداء الإيمان، وإنما هي واجبة بعد ذلك لأجل أن لا يقع في شيء ما ينقص مقامه الشريف، فليتأمل. انتهى.
"فإن قلت: هل هو عليه الصلاة والسلام باق على رسالته إلى الآن"، بعد الموت إلى الأبد؟.
"أجاب أبو المعين" ميمون بن محمد بن سعيد بن مكحول "النسفي" الحنفي، صاحب التبصرة، في علم الكلام والتمهيد لقواعد التوحيد وغيرهما، وهو غير صاحب الكنز عبد الله بن أحمد، وغير صاحب التفسير عمر بن محمد، وغير صاحب العقائد البرهان محمد بن محمد، وكلهم حنفيون من نسف: "بفتح النون والمهملة وبالفاء" مدينة بما وراء النهر، "بأن الأشعري قال: إنه عليه الصلاة والسلام الآن في حكم الرسالة، وحكم الشيء يقوم مقام أصل الشيء، ألا ترى أن العدة تدل على ما كان من أحكام النكاح. انتهى" قضيته أن وصفه بأنه رسول

<<  <  ج: ص:  >  >>