"فكيف من ظن أنه ينصر الكاذب المفتري عليه، ويؤيده ويظهر على يديه الآيات والأدلة، وهذا" أي: تعظيمه صلى الله عليه وسلم بالآيات الدالة على كماله "في القرآن كثير" وذلك؛ لأنه "يستدل" بزيادة السين والتاء، أي: يدل "تعالى" خلقه" "بكماله المقدس، وأوصافه، وجلاله على صدق رسوله" فيما جاء به، "وعلى وعده ووعيده" مثلًا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ} [البقرة: ٢١] ، دل بكونه خالقًا للناس، منعمًا عليهم، بجعل الأرض فراشًا، والسماء بنا.. إلخ، على أن من قدر على ابتداء هذه الأحوال لا يعجز عن بعثهم بعد فناء أجسادهم، ومن لازم ذلك صدق الرسول في أخباره عن الله بالبعث والإعادة، "ويدعو عباده إلى ذلك" أي: تصديقه فيما جاء عليه الصلاة والسلام، أو الإشارة راجعة للصدق بتقرير مضاف، أي: إلى اعتقاد صدق رسوله. "وقال تعالى لمن طلب آية تدل على صدق رسوله" مثل ناقة صالح، وعصا موسى، ومائدة عيسى، وهم الذين قالوا: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} [الرعد: ٧] ، فرد عليهم بقوله: {قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ، أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ} فيما طلبوا {أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَاب} القرآن {يُتْلَى عَلَيْهِم} فهو آية مستمرة لا انقضاء لها، بخلاف ما ذكر من الآيات، {إِنَّ فِي ذَلِكَ} الكتاب {لَرَحْمَةً} لنعمة عظيمة {وَذِكْرَى} عظة {لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [العنكبوت: ٥١] الآية، لمن همه الإيمان دون التعنت. وروى ابن جرير وابن أبي حاتم والدارمي عن يحيى بن جعدة، قال: جاء ناس من المسلمين يكتب قد كتبوها فيها بعض ما سمعوه من اليهود، فقال صلى الله عليه وسلم: "كفى بقوم ضلالة أن يرغبوا عما جاء بهم نبيهم إليهم إلى ما جاء به غيره" إلى غيرهم، فنزلت: {أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا} ، {قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا} بصدقي، وقد صدقني بالمعجزات، أو بتبليغ