"وقال: {مِنْ أَنْفُسِكُم} ولم يقل: من أرواحكم، فقيل: يحتمل أن يكون مراده" على مغايرة النفس للروح، "أنه منا بجسده المنفس" "بالتشديد" للمبالغة، أي: المكرم، ولرعاية "لا بروحه المقدس" المطهر، وإن كان أصل المنفس "بالتخفيف"، "ويرحم الله القائل: إذا رمت": قصدت "مدح المصطفى شغفًا": ولوعًا طبه" ومحبة له "تبلد" من البلادة: عدم الذكاء والفطنة، أي: انكسرت حدة "ذهني" ويرد عن الأوصاف اللائقة بمقامه. وفي نسخة: تبدد، أي: تفرق، "هيبة لمقامه"؛ لأني أرى الأوصاف قاصرة عنه، فيعلوني الخجل عند إرادة مدحه، "فأقطع ليلى ساهر الجفن" أي: جنسه "مطرقًا" "بكسر الراء وفتحها" "هوى" القصر، أي: ميلًا، "فيه أحلى من لذيذ منامه"، إذ السهر في هوى المحبوب ألذ، "إذا قال فيه الله جل جلاله: رؤوف رحيم" وهما من أسمائه "في سياق كلامه" ومعنى إذا الظرفية المجردة لا الشرط؛ لأن القول تحقق من الله، فلا يليق جعله مستقبلًا، ويجوز أن إذا منون، أي: لأجل هذا، فمن ذا يجاري" يأتي بما يشابه "الوحي" بثنائه على المصطفى نثرًا، أو نظمًا، "والوحي معجز بمختلفيه" "بالفاء متعلق بيجاري" "نثره ونظامه" أي: نظمه، والمعنى أن الوحي معجز للكلام نثرًا كان، أو نظمًا، فلا يمكن مشابهته لأحد. "تنبيه": إيقاظ وتبيين، "وأما قول القاضي عياض بعد ذكره الآية" {لَقَدْ جَاءَكُمْ} في الشفاء، بما لفظه، أعلم الله تعالى المؤمنين، أو العرب، أو أهل مكة، أو جميع الناس على اختلاف المفسرين من المواجه بهذا الخطاب؛ أنه بعث فيهم رسولًا من أنفسهم، يعرفونه ويتحققون مكانته، ويعلمون صدقه وأمانته، ولا يتهمونه بالكذب، وترك النصيحة لهم لكونه منهم،