للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال السمرقندي: رحمة للعالمين يعني: الجن والإنس.

وقيل: لجميع الخلق للمؤمنين رحمة بالهداية، ورحمة للمنافقين بالأمان من القتل، ورحمة للكافرين بتأخير العذاب لما بعد الموت.


العاصي فمآله إلى الجنة مع خفة عذابه عن الكفار بمراحل، بلا لا مشابهة.
وعن ابن عباس أيضًا عند الطبري وغيره: وهو رحمة للمؤمنين والكافرين، إذا عرفوا مما أصاب غيرهم من الأمم الكاذبة.
"وقال" أبو الليث "السمرقندي" نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الفقيه، الحنفي، الإمام المشهور، له التصانيف، كالتفسير، والنوازل، وخزانة الفتاوى، وتنبيه الغافلين، والبستان توفي سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، منسوب إلى سمرقند، مدينة بفارس بما وراء النهر.
قال التلمساني المصحح في النسخ، بفتح السين والراء وسكون الميم، والمعروف فتح الميم وسكون الراء، وتبع قول المجد إسكان الميم وفتح الراء، لحن، وفيه نظر، وهو معرب شمركند، وشمر اسم رجل، وكندة بمعنى قرية "رحمة للعالمين، يعني الجن والإنس" تفسير للآية بجنس العقلاء من الثقلين، بقرينة جمع المذكر السالم، وإن كان جمع عالم، وهو كل ما يعلم به الصانع من العقلاء وغيرهم، فالمفرد أعم من جمعه، فخص ثم جمع بجعله صفة أو ملحقًا بها؛ لأن فاعل بالفتح اسم آلة، كالخاتم والقالب، وقيل: غلب العقلاء، أو جعل اسمًا لذي العلم من الثقلين، أو هما والملك، أو الإنس.
"وقيل: لجميع الخلق" مقابل لما اختاره.
قال الشريف الجرجاني: يطلق على كل جنس لا فرد، فهو للقدر المشترك بين الأجناس، فيصح إطلاقه على كل جنس وعلى مجموعها، وإذا عرف بلام الاستغراق شمل كل فرد من جنس، كالأقاويل، فمن فسره بجميع الخلق، فعلى الأصل، ومن فسره بالإنس والجن فعلى بعض الوجوه، أو خصه؛ لأنه صلى الله عليه سولم مبعوث إليهما، ومن فسره بالمؤمن والكافر أراد أنه يشملهما، لا أن معناه ذلك. انتهى.
وآخذ في بيان ما به تكون الرحمة على مختاره، فقال "للمؤمنين" بل من للعالمين، أو متعلق بمقدر، أي: أرسله، وعلى الأولن وهو الظاهر هو بيان لمختاره، وعلى الثاني يصلح لهما، وفي نسخة للمؤمن بالإفراد، "رحمة بالهداية" الزائدة على هداية الإيمان، أو لمن قدر إيمانه "ورحمة للمنافقين".
وفي نسخة: للمنافق بالإفراد على إرادة الجنس، "بالأمان من القتل" مطلقًا بخلاف الكفار، فإنما يأمن بجزية، أو أمان، "ورحمة للكافرين".

<<  <  ج: ص:  >  >>