للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذاته عليه السلام رحمة تعم المؤمن والكافر كما قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: ٣٣] ، وقال عليه الصلاة والسلام: "إنما أنا رحمة مهداة" رواه الديلمي والبيهقي في "الشعب" من حديث أبي هريرة.

وقال بعض العارفين: الأنبياء كلهم خلقوا من الرحمة، ونبينا صلى الله عليه وسلم عين الرحمة، ولقد أحسن القائل:

غنيمة عمر الكون بهجة عيشه ... سرور حياة الروح فائدة الدهر

هو النعمة العظمى هو الرحمة التي ... تجلى بها الرحمن في السر والجهر

فبيانه عليه السلام ونصحه رحمة، ودعاؤه واستغفاره رحمة، فرزق ذلك من


وفي نسخة بالإفراد، "بتأخير العذاب لما بعد الموت" وأما عذاب الدنيا بالقحط وغيره، فلا يختص بطائفة، أو المراد الاستئصال والمسخ والخسف والزنديق، سواء أدخل في المنافق، أو الكافر عذابه مؤخر أيضًا، فالظاهر اشتراكهما فيه، وتمييز المنافق بإجراء أحكام الإسلام عليه ظاهرًا، أو يقال: أراد في كل قسم ذكر رحمة مخصوصة من غير تخصيص، "فائدته عليه السلام رحمة تعم المؤمن والكافر، كما قال تعالى: {وَمَا كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأنفال: ٣٣] ؛ لأن العذاب إذا نزل عم، ولم تعذب أمة إلا بعد خروج نبيها والمؤمنين منها.
"وقال عليه الصلاة والسلام: "إنما أنا رحمة مهداة" "بضم الميم" معطاة من الله بلا عوض، "رواه الديلمي والبيهقي في الشعب" للإيمان "من حديث أبي هريرة" ورواه الحاكم، وصححه على شرطهما، وأقره الذهبي، ومر شرحه في الأسماء الشريفة.
"وقال بعض العارفين: الأنبياء كلهم خلقوا من الرحمة، ونبينا صلى الله عليه وسلم عين الرحمة" أعلاها وأجلها.
"ولقد أحسن القائل"
غنيمة عمر الكون بهجة عيشه ... سرور حياة الروح فائدة الدهر
هو النعمة العظمى هو الرحمة التي ... تجلى بها الرحمن في السر والجهر
ومعنى البيتين ظاهر، "فبيانه" أي: ظهوره أو تبيينه "عليه السلام ونصحه رحمة" أي: كل واحد منهما، "ودعاؤه واستغفاره" كل منهما "رحمة" سواء في حياته وبعد مماته، كما قال صلى الله عليه وسلم: "حياتي خير لكم ومماتي خير لكم، أما حياتي فأبين لكم السن وأشرع لكم الشرائع، وأما موتي، فإن أعمالكم تعرض علي، فما رأيت منها حسنًا حمدت الله، وما رأيت منها سيئًا استغفرت الله لكم" رواه البزار وغيره بسند جيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>