أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس: أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مبعثه، فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه، فقال لهم معاذ بن جبل وبشر بن البراء، وداود بن سلمة: يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك، وتخبرونا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته، فقال سلام بن مشكم أحد بني النضير: ما جاءنا نبي نعرفه، وما هو الذي كنا نذكر لكم، فأنزل الله {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ} ، وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا، "فلما جاءهم ما عرفوا كروا به حسدًا وخوفًا على الرياسة" وجواب لما الأولى دل عليه جواب الثانية، "ويحتمل أنهم كانوا يظنون أنه من بني إسرائيل، فلما بعثه الله من العرب من نسل إسماعيل، عظم" شق "ذلك عليهم وأظهروا التكذيب" بغيًا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده، "فلعنة الله على الكافرين" أي: عليهم، وأتى بالمظهر للدلالة على أنهم لعنوا لكفرهم، فاللام للعهد، ويجوز أنها للجنس، ويدخلون فيه دخولًا، أوليًا؛ لأن الكلام فيهم، "وقد كان صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى اتباعه وتصديقه، فكيف يجوز أن يحتج بباطل من الحجج، ثم يحيل ذلك على ما عندهم، وما في أيديهم، ويقول: "من علامة نبوتي وصدقي أنكم تجدونني عندكم مكتوبًا" باسمي وصفتي، "وهم لا يجدونه كما ذكر" في كتبهم، "أو ليس ذلك مما يزيدهم عنه بعد استفهام إنكاري، وقد كان غنيًا" عن "أن يدعوهم بما ينفرهم" عن اتباعه، "و" عن "أن يستميلهم بما يوحشهم". "وقد أسلم من أسلم من علمائهم، كعبد الله بن سلام" بالتخفيف، الإسرائيلي أبي