وفي التنزيل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَان} [النحل: ٩٠] ، قال ابن عطية: العدل فعل كل مفروض من العقائد والعبادة، وأداء الآمانات، والإنصاف والإحسان فعل المندوب. وفي البغوي: العدل بين العبد وربه إيثار حقه على حظ نفسه، واجتناب الزواجر، وامتثال الأوامر، وبينه وبين نفسه منعها عما فيه هلاكها والتصبر، وبينه وبين غيره بذل النصيحة وترك الخيانة، وإنصافهم من نفسه، والصبر على أذاهم، وجعل العدل سيرته صلى الله عليه وسلم، لا ينافي أن يكون الإحسان سيرته فيم حل يليق به، ولا أن يكون العفو طبيعة له أيضًا لمصحلة تليق بالمقام "والحق شريعته" بنصبهما عطف على مفعول اجعل، كما هو في نسخ الشفاء الصحيحة المقروءة، لا يرفعهما لاقتضاء تعريف الطرفين الحصر، فيفهم أن شرائع غيره باطلة، وليس كذلك، وأنه وجه؛ بأن المراد الحق الكامل الذي لا ينسخ، أو في زمانه لا غيرها لنسخها بشريعته وبغير ذلك؛ لأن هذا إنما يحتاج إليه لو ثبت رواية. "والهدى إمامه" "بكسر الهمزة"، كما ضبطه الحافظ البرهان، أي: مقتداه ومتبعه، وهو كناية عن ملازمته له وعدم انفكاكه عنه، ويجوز أن يراد بالإمام الطريق، كما قيل في قوله: وإنهما لبإمام مبين، وضبطه بعضهم "بفتح الهمز"، بمعنى قدام، فالمراد بطريق الكناية؛ أنه ملاحظ له، كما يقال: في ضده أنه ظهري وخلف ظهري، والهدى الدلالة بلطف، ولذا اختصت بالخير، وقيل: تعريفه للعهد، أي: هدى الأنبياء، لقوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} ، أي: ما اتفقوا عليه من التوحيد والأصول للفروع، "والإسلام ملته" بنصبهما على الصحيح، أي: أنه اسم لملته، أي: دينه خاصة دون الأمم على أحد القولين، وعلى الآخر بالعموم، لكل دين حق، فالمراد الكامل ليكون من خصائصه التي تميز بها عن غيره وكماله بنسخ غيره، وكونه سمحًا بين اللين والشدة، وغير ذلك. وفي التنزيل: هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا، "واجعل "أحمد" اسمه، وبه سماه في الكتب قبل وجوده، ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد، ولما ذكر صفاته الموصوف بها في نفسه ذكر صفاته التي لوحظ فيها غيره، جوابًا لسؤال: هل تنفع بهذا الطاهر المطهر، الكامل في نفسه غيره؟، فقال: "أهدى" "بفتح الهمزة" مضارع هدى "به" بسببه، أو هديه "بعد الضلالة" بمعنى الضلال سلوك غير الطريق الموصلة، وقيل: إنما فصله لعلو رتبة الهداية، سواء