للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١] " -حتى.......................


عروة: "كيف أقرأ"؟. وابن إسحاق عن عبيد بن عمير: "ماذا أقرأ"؟. دلتا على أنها استفهامية وقد جوز الأخفش دخول الباء على الخبر المثبت، وجزم به ابن مالك في: بحسبك زيد، فجعل الخبر حسبك، والباء زائدة.
"فأخذني فغطني" بغين معجمة فطاء مهملة مشددة، أي: ضمني وعصرني. وفي رواية الطبري وابن إسحاق: "فغتني" بالتاء الفوقية، وهو حبس النفس، وللطيالسي بسند جيد: "فأخذ بحلقي" , "حتى بلغ مني الجهد". قال الحافظ: روي بالفتح والنصب، أي: بلغ الغط مني غاية وسعي، وروى بالضم والرفع، أي: بلغ مني الجهد مبلغه، "ثم أرسلني" أي: أطلقني "فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ" أي: حكمي كسائر الناس من أن حصول القراءة إنما هو بالتعلم وعدمه بعدمه فلذا كرر عظمه ليخرجه عن حكم سائر الناس، ويستفرغ منه البشرية ويفرغ فيه من صفات الملكية، قاله شارح المشكاة الطيبي.
"فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني، فقال: اقرأ، فقلت: ما أنا بقارئ، فأخذن فغطني". كذا رواه الكشميهني ولغيره بحذف: فأخذني، "الثالثة، حتى بلغ مني الجهد" كذا ثبت الغلط ثلاثًا في التعبير والتفسير، وسقطت في بدء الوحي الثالثة، قال الحافظ: ولعل الحكمة في تكرير اقرأ، الإشارة إلى انحصار الإيمان الذي ينشأ عنه الوحي بسببه في ثلاث: القول والعمل والنية، وأن الوحي يشتمل على ثلاث التوحيد والأحكام والقصص، ويأتي حكمة الغط في كلام المصنف.
قال في الروض: وانتزع شريح القاضي التابعي أن لا يضرب الصبي إلا ثلاثًا على القرآن؛ كما غط جبريل محمدًا صلى الله عليه وسلم ثلاثًا، "ثم أرسلني، فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: ١] "، استدل به القائل بأن البسملة ليست آية من كل سورة، فهذه أول سورة نزلت وليست فيها. وقال السهيلي: نزلت بعد ذلك مع كل سورة لا منها، وقد ثبتت في المصحف بإجماع الصحابة وما ذكره البخاري عن مصحف الحسن البصري شذوذ ولا نلتزم قول الشافعي: أنها آية من كل سورة، ولا أنها آية من الفاتحة بل آية من القرآن مقترنة مع السورة، وهو قول داود وأبي حنيفة، وهو قول بين لمن أنصف، انتهى. وهو اختيار له مخالف للمعتمد من مذهب مالك.
" {الَّذِي خَلَقَ} " وصف مناسب مشعر بعلية الحكم بالقراءة، "حتى" هي رواية أبي ذر ولغيره

<<  <  ج: ص:  >  >>