للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمة أخرجت للناس.

وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال: قدم الجارود فأسلم وقال: والذي بعثك


سبحانه في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} [آل عمران: ١٠٣] ، "وأهواء" جمع هوى، وهو ميل النفس لما تحبه وتشتهيه "متشتتة" متفرقة، أي: اجعل مهويهم واحدًا، متفقًا محمودًا، وإن غلب إطلاقه على المذموم، كما قال: ولئن اتبعت أهواءهم، "وأمم" جمع أمة، فرقة من الناس "متفرقة" بتقديم التاء على الفاء من التفرق، وبتقديم الفاء على التاء من الافتراق روايتان: يعني أن كل أمة كانت على دين واعتقاد وطريقة، منهم من يعبد الأصنام، ومنهم من يعبد الكواكب، ومنهم يهودي ونصراني، ومنهم غير ذلك، فنسخ الله بشرعه صلى الله عليه وسلم جميع الشرائع، وجعل الدين دينًا واحدًا قيمًا، من حاد عنه هلك وشقي في الدارين, وإن حمل قوله وأجمع به بعد الفرقة على جميع العقائد والملل على التوحيد، أو الأعم كان ما بعده عطف تفسير له، "وأجعل أمته": الذين أجابوه "خير أمة أخرجت": أوجدت وخلقت أو أخرجت من العدم "للناس".
وفي التنزيل: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّة} ، أي: أنه تعالى قضى بذلك وقدره أزلًا، وفي عالم الذر، وقيل: المراد كنتم مذكورين في الأمم الذين قبلكم، موصوفين بذلك لخيرية نبيكم ودينكم، أو لما بينه، بقوله: تأمرون. إلخ.
ومر الكلام فيه، "وأخرج البيهقي عن ابن عباس، قال: قدم الجارود" بن المعلى، ويقال: ابن عمرو بن المعلى العبدي أبو المنذر، ويقال: أبو غثان، بمعجمة ومثلثة على الأصح، ويقال: "بمهملة وموحدة"، اسمه بشر بن خنش "بمهملة ونون مفتوحتين، ثم معجمة" وقيل: مطرف، وقيل: غير ذلك لقب الجارود؛ لأنه غزا بكر بن وائل، فاستأصلهم، قال الشاعر:
فدسناهم بالخيل من كل جانب ... كما جرد الجارود بكر بن وائل
وحكى ابن السكن: أن سبب تلقيبه بذلك أن إبل عبد القيس جريت، وبقيت للجارود بقية من إبله، فتوجه بها إلى قديد بن سنان وهم أخواله، فجربت إبل أخواله، فقال: الناس جردهم بشر، فلقب الجارود، "فأسلم".
قال ابن إسحاق: وكان نصرانيًا وحسن إسلامه، وكان صلبًا على دينه، قال في الإصابة: قدم الجارود سنة عشر في وفد عبد القيس الأخير، وسر النبي صلى الله عليه وسلم بإسلامه.
روى الطبراني عن أنس: لما قدم الجارود وافدًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرح به وقربه وأدناه وروى الطبراني أيضًا عن الجارود، قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: إن لي دينًا، فلي إن تركت ديني ودخلت في دينك أن لا يعذبني الله، قال: "نعم"، "وقال" الجارود: "والذي بعثك بالحق

<<  <  ج: ص:  >  >>