للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ترجمة أخرى للإنجيل، أنه قال: "الفارقليط" إذا جاء وبخ العالم على الخطيئة، ولا يقول من تلقاء نفسه، ما يسمع يكلمهم به، ويسوسهم بالحق، ويخبرهم بالحوادث.

وهو عند ابن طغر بك بلفظ: فإذا جاء روح الحق، ليس ينطق من عنده، بل يتكلم بل ما يسمع من الله، ويخبرهم بما يأتي، وهو يمجدني؛ لأنه يأخذ مما هو لي ويخبركم.

فقوله: "ليس ينطق من عنده" وفي الرواية الأخرى: "ولا يقول من تلقاء نفسه بل يتكلم بكل ما يسمع" أي: من الله الذي أرسله، وهذا كما قال تعالى في صفته صلى الله عليه وسلم: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣] .

وقوله: "وهو يمجدني" فلم يمجده حق تمجيده إلا محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه وصفه بأنه رسول الله، وبرأه وبرأ أمه -عليهما السلام- مما نسب إليهما، وأمر أمته بذلك.

قال ابن ظفر: فمن ذا الذي وبخ العلماء على كتمان الحق، وتحريف الكلم


"وفي ترجمة أخرى للإنجيل أنه قال: الفارقليط إذا جاء وبخ العالم على الخطيئة، ولا يقول من تلقاء نفسه" واستأنف قوله "ما" أي: الذي "يسمع" من ربه بواسطة الوحي في أغلب الأحوال هو الذي "يكلمهم به ويسوسهم" يدبرهم ويقوم بأمرهم "بالحق، ويخبرهم بالحوادث" والغيوب التي كانت وتكون إلى يوم القيامة، "وهو عند ابن طغر بك، بلفظ: فإذا جاء روح الحق ليس ينطق من عنده"، بجر الظرف بمن، "بل يتكلم بكل ما يسمع" أي: "يسمعه "من الله" بالوحي، "ويخبرهم بما يأتي وهو يمجدني؛ لأنه يأخذ مما هو لي ويخبركم، فقوله: ليس ينطق من عنده" مبتدأ وعطف عليه قوله.
"وفي رواية الأخرى" التي فوق هذه، "ولا يقول من تلقاء نفسه، بل يتكلم بكل ما يسمع من الله الذي أرسله، وهذا كما قال تعالى" في القرآن "في صفته صلى الله عليه وسلم {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} هوى نفسه {إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى} جملة معترضة لبيان أن ما في الإنجيل موافق للقرآن وعطف على المبتدأ أيضًا، فقال: "وقوله: وهو يمجدني" وحذف الخبر، وهو دليل على أن المقول فيه ذلك هو محمد صلى الله عليه وسلم، وعلل هذا الخبر المقدر، بقوله: "فلم يمجده حق تمجيده إلا" بمعنى غير "محمد صلى الله عليه وسلم؛ لأنه وصفه بأنه رسول الله، وبرأه وبرأ أمه" مريم "عليهما السلام مما نسب إليهما، وأمر أمته بذلك".
قال ابن ظفر" محمد في البشر، "فمن ذا الذي وبخ العلماء على كتمان الحق

<<  <  ج: ص:  >  >>