نوائب من خير وشر كلاهما ... فلا الخير ممدود ولا الشر لازب أي: فلا يصيبك مكروه، لما جمع الله فيك من مكارم الأخلاق ومحاسن الشمائل، وفيه دلالة على أن ذلك سبب للسلامة من مصارع السوء ومدح الإنسان في وجهه لمصلحة تطرأ، وأما خبر: "احثوا في وجوه المداحين التراب"، ففي مدح بباطل أو يؤدي إلى باطل وتأنيس من حصلت له مخافة وتبشيره وذكر أسباب السلامة له، وكمال خديجة وجزالة رأيها وعظم فقهها فقد جمعت كل أنواع المحاسن وأمهاتها فيه عليه السلام؛ لأن الإحسان إما إلى الأقارب، وإما إلى الأجانب، وإما بالمال أو البدن، وإما لمن يستقل بأمره أو غيره، وإجابته بجواب فيه قسم وتأكيد بأن، واللام لتذهب حيرته ودهشته، واستدلت على ذلك بأمر استقرائي جامع لأصول المكارم. "ثم" قبل أن تأتي به ورقة، انطلقت خديجة على ما عند سليمان التيمي وموسى بن عقبة حتى أتت غلامًا لعتبة بن ربيعة نصرانيًا من أهل نينوى بكسر النون وفتحها وتحتية ساكنة فنون، يقال عداس بفتح العين وشد الدال وبسين مهملات، فقالت له: أذكرك الله! إلا ما أخبرتني هل عندكم علم من جبريل؟ فقال عداس: قدوس قدوس يا سيدة نساء قريش، ما شأن جبريل يذكر بهذه الأرض التي أهلها أهل الأوثان؟ فقالت: أخبرني بعلمك فيه، قال: هو أمين الله بينه وبين النبيين وهو صاحب موسى وعيسى، فرجع من عنده، ثم "انطلقت به" أي: مضت معه فالباء للمصاحبة، قاله الحافظ، وسارت به "خديجة" مصاحبة له "حتى أتت به ورقة" بفتح الواو والراء والقاف. "ابن نوفل" بفتح النون والفاء "ابن أسد بن عبد العزى" تأنيث الأعز، وهو الصنم "ابن قصي" بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي، وأنهى الحديث نسبة إلى قصي؛ لأنه الذي يشترك فيه مع المصطفى عليه السلام توفي ولم يعقب، ويأتي قريبًا الكلام في أنه صحابي عند قول المتن، وقيل: أول من أسلم ورقة. "وهو ابن عم خديجة" لأنها بنت خويلد بن أسد، وهو "أخو أبيها" بالرفع خبر مبتدأ محذوف ولابن عساكر أخي بالجر صفة لعم. وفائدته: رفع المجاز في إطلاق العم. "وكان امرأ"ترك عبادة الأوثان و"تنصر" قال الحافظ: أي صار نصرانيًا، "في الجاهلية" وذلك أنه خرج هو وزيد بن عمرو بن نفيل لما كرها عبادة الأوثان إلى الشام وغيرها يسألون عن الدين، فأعجب ورقة النصرانية وكأنه لقي من بقي من الرهبان على دين عيسى ولذا أخبر