للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يكتب الكتاب العربي، فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب -وكان شيخًا كبيرًا قد عمي- فقالت له خديجة: أي ابن عمي! اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة: ابن أخي! ماذا ترى؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى، فقال له ورقة: هذا


بشأنه صلى الله عليه وسلم والبشارة به إلى غير ذلك مما أفسده أهل التبديل، انتهى.
وذكر ابن عبد البر أنه تهود، ثم تنصر "وكان يكتب الكتاب العربي، فيكتب بالعربية" أي: باللغة العربية، "من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب" أي: الذي شاء الله كتابته، فحذف العائد هكذا في التعبير؛ كمسلم. وفي بدء الوحي العبراني وبالعبرانية، فرجح الزركشي الرواية الأولى؛ لاتفاقهما. وجمع النووي وتبعه الحافظ بأنه تمكن من دين النصارى وكتابهم بحيث صار يتصرف في الإنجيل، فيكتب إن شاء بالعربية وإن شاء بالعبرانية انتهى. فعلم أن الإنجيل ليس عبرانيًا، قال الكراماني: وهو المشهور خلافًا للتيمي، انتهى. وإنما هو سرياني والتوراة عبرانية بكسر العين، قال الحافظ: وإنما وصفته بكتابة الإنجيل دون حفظه؛ لأن حفظ التوراة والإنجيل لم يكن متيسرًا كتيسر حفظ القرآن الذي خصت به هذه الأمة فلهذا جاء في صفتها أناجيلها في صدورها، انتهى.
"وكان شيخًا كبيرًا قد عمي، فقالت له خديجة: أي ابن عم! " نداء على حقيقته، ووقع في مسلم: أي عم، قال الحافظ: وهو وهم؛ لأنه وإن صح بجواز إرادة التوقير لكن القصة لم تتعدد ومخرجها متحد فلا يحمل على أنها قالت ذلك مرتين فتعين الحمل على الحقيقة، وإنما جوزنا ذلك في العبراني والعربي، لأنه من كلام الراوي في وصف ورقة، انتهى.
وفي اديباج: وعندي أنها قالت: ابن عم على حذف حرف النداء، فتصحفت ابن بأي، انتهى. "اسمع" بهمزة وصل "من ابن أخيك" تعني النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأب الثالث لورقة وهو عبد العزى، هو الأخ للأب الرابع للمصطفى، وهو عبد مناف، كأنها قالت: من ابن أخي جدك، فهو مجاز بالحذف، قال الحافظ: أو لأن والده عبد الله في عدد النسب إلى قصي الذي يجتمعان فيه سواء، فكان من هذه الحيثية في درجة أخوته، أو قالته على سبيل التوقير لسنه، قال: وفيه إرشاد إلى أن صاحب الحاجة يقدم بين يديه من يعرف بقدره ممن يكون أقرب منه إلى المسئول، وذلك مستفاد من قولها، أرادت أن يتأهب لسماع كلامه، وذلك أبلغ في التعظيم.
"فقال ورقة: ابن أخي" بالنصب منادى مضاف، "ماذا ترى" قال الحافظ: فيه حذف دل عليه السياق، وصرح به في دلائل أبي نعيم بسند حسن بلفظ: فأتت به ورقة ابن عمها، فأخبرته بالذي رأى، فقال: ماذا ترى؟ "فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى" وفي بدء الوحي خبر ما رأى، فهنا مضاف مقدر "فقال ورقة: هذا" أي: الملك الذي ذكره عليه السلام نزله منزلة القريب لقرب

<<  <  ج: ص:  >  >>