للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الناموس الذي أنزل على موسى، يا ليتني فيها جذعًا..........................


ذكره؛ كما في الفتح.
"الناموس" بنون وسين مهملة وهو صاحب السر؛ كما جزم به البخاري في أحاديث الأنبياء، أي: مطلقًا عند الجمهور وهو الصحيح خلافًا لمن زعم أن صاحب سر الشر، يقال له الجاسوس، وقال ابن دريد: وهو صاحب سر الوحي، والمراد جبريل وأهل الكتاب يسمونه الناموس الأكبر "الذي أنزل" بالبناء للمفعول في التعبير والتفسير، وفي بدء الوحي: نزل الله، وللكشميهني: أنزل الله، "على موسى" لم يقل عيسى مع أنه كان نصرانيًا تحقيقًا للرسالة؛ لأن نزول جبريل على موسى متفق عليه بين أهل الكتاب بخلاف عيسى، فكثير من اليهود ينكر نبوته أو لاشتمال كتاب موسى على أكثر الأحكام؛ ككتاب نبينا بخلاف الإنجيل فأمثال ومواعظ، أو لأن النصارى يتبعون أحكام التوراة ويرجعون إليها.
قال الحافظ: أو لأن موسى بعث بالنقمة على فرعون وأتباعه بخلاف عيسى وكذلك وقعت النقمة على يده صلى الله عليه وسلم لفرعون هذه الأمة ومن معه ببدر، قال: وأما ما تمحل به السهيلي من أن ورقة كان على اعتقاد النصارى في عدم نبوة عيسى، ودعواهم أنه أحد الأقانيم فهو محال لا يعرج عليه في حق ورقة وأشباهه ممن لم يدخل في التبديل، أو أخذ عمن لم يبدل على أن قد ورد عند الزبير بن بكار بلفظ عيسى، ولا يصح نعم لأبي نعيم في الدلائل بسند حسن: أن خديجة أتت ابن عمها ورقة فأخبرته الخبر، فقال: إن كنت صدقتني، إنه ليأتيه ناموس عيسى الذي لا يعلمه بنو إسرائيل أبناءهم فعلى هذا فكان ورقة يقول تارة ناموس موسى، فعند إخبار خديجة له بالقصة، قال لها: ناموس عيسى، بحسب ما هو فيه من النصرانية، وعند إخبار النبي صلى الله عليه وسلم، قال له ناموس موسى، والكل صحيح، انتهى.
"يا ليتني" أكون "فيها" أي: مدة النبوة أو الدعوة، "جذعًا" بفتح الجيم والمعجمة شابًا، فالنصب وهو المشهور في الصحيحين خبر أكون المقدرة، كذا أعربه الخطابي والمازري وابن الجوزي على رأي الكوفيين في نحو: انتهوا خيرًا لكم وضعف بأن كان لا تضمر إلا إذا كان في الكلام لفظ يقتضيها، نحو: إن خيرًا فخير، أو على الحال من الضمير المستكن في خبر ليت، وهو فيها، أي: كائن فيها حال التشبيه والقوة لأبالغ في نصرك، ورجحه عياض ثم النووي وعزاه للمحققين.
قال السهيلي: والعامل في الحال ما يتعلق به الخبر من معنى الاستقرار أو على أن ليت تنصب الجزأين؛ كقوله:
يا ليت أيام الصبا رواجعًا

<<  <  ج: ص:  >  >>