للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورقة: نعم، لم يأت رجل قط بما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا.

ثم لم ينشب ورقة أن توفي..............................................


على النفس شديدة لإظهاره الانزعاج لذلك، بخلاف ما سمعه من ورقة من إيذائهم وتكذيبهم له، ففي مرسل عبيد بن عميران ورقة قال له: لتكذبنه ولتؤذينه ولتقاتلنه، بهاء السكت.
"فقال ورقة: نعم لم يأت رجل قط" بفتح القاف وشد الطاء مضمومة في أفصح اللغات ظرف لاستغراق الماضي، فتختص بالنفي "بما" وللكشميهني في التعبير كبدء الوحي: بمثل ما "جئت به إلا عودي" وفي التفسير: إلا أوذي، ذكر ورقة أن علة ذلك مجيئه لهم بالانتقال عن مألوفهم، ولأنه علم من الكتب أنهم لا يجيبونه وأنه يلزم ذلك منابذتهم فتنشأ العداوة، وفيه دليل على أنه يلزم المجيب إقامة الدليل على جوابه إذا اقتضاه المقام.
"وإن يدركني" بالجزم بأن الشرطية، "يومك" فاعل يدرك، أي: يوم انتشار نبوتك، زاد في التفسير: حيًا، "أنصرك" بالجزم جواب الشرط "نصرًا" بالنصب على المصدرية، ووصفه بقوله: "مؤزرًا" بضم الميم وفتح الزاي المشددة آخره راء مهموز من الأزر، أي: قويًا بليغًا وإنكار القزاز الهمز لغة رد بقول الجوهري، أزرت فلانًا عاونته، والعامة تقول: وأزرته، وقال أبو شامة: يحتمل أنه من الإزار إشارة إلى تشميره في نصرته، قال الأخطل:
قوم إذا حاربوا شدوا مآزرهم
البيت. وفي رواية ابن إسحاق من مرسل عبيد بن عميران: أدرك ذلك اليوم. قال السهيلي: والقياس رواية الصحيح؛ لأن ورقة سابق بالوجود والسابق هو الذي يدركه من يأتي بعده، كما جاء: أشقى الناس من أدركته الساعة وهو حي، قال: ولرواية ابن إسحاق وجه؛ لأن المعنى إن أر ذلك اليوم فسمى روايته إدراكًا، وفي التنزيل: لا تدركه الأبصار رأى لا تراه على أحد القولين، انتهى.
"ثم لم ينشب" بفتح التحتية والمعجمة، أي: لم يلبث "ورقة" بالرفع فاعل ينشب، "أن توفي" بفتح الهمزة وخفة النون بدل اشتمال من ورقة، أي: لم تتأخر وفاته، وتجويز أن محله جر بجار مقدر، أي: عن الوفاة أو نصب بنزع الخافض لا يلتفت إليه إذ الأول شاذ، والثاني مقصور على السماع، فلا يخرج عليه كلام الفصحاء، قال الحافظ: وأصل النشوب التعلق، أي: لم يتعلق بشيء من الأمور حتى مات، وهذا يخالف ما في سيرة ابن إسحاق: إن ورقة كان يمر ببلال وهو يعذب ذلك يقتضي تأخيره إلى زمن الدعوة ودخول بعض الناس في الإسلام، فإن تمكنا بالترجيح

<<  <  ج: ص:  >  >>