للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تفسير الإمام فخر الدين والبيضاوي وغيرهما: أنه تعالى أقسم بزمان الرسول صلى الله عليه وسلم. قال الإمام الرازي: واحتجوا له بقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما مثلكم ومثل من كان قبلكم مثل رجل استأجر أجراء، فقال: من يعمل لي من الفجر إلى الظهر بقيراط، فعملت اليهود، ثم قال من يعمل لي من الظهر إلى العصر بقيراط، فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل لي من العصر إلى المغرب بقيراطين فعملتم، فغضبت اليهود والنصارى وقالوا: نحن أكثر عملًا وأقل أجرًا، فقال الله تعالى: وهل


"وفي تفسير الإمام فخر الدين الرازي، والبيضاوي وغيرهما؛ أنه تعالى أقسم بزمان الرسول صلى الله عليه وسلم" وهذا الموافق للترجمة؛ أنه أقسم بمدة حياته وعصره وبلده.
"قال الإمام الرازي: واحتجوا له"، أي: لهذا القول، "بقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما مثلكم ومثل من كان قبلكم" من اليهود والنصارى، والمثل في الأصل بمعنى النظير، ثم استعمل لكل حال أو قصة أو صفة لها شأن وفيها غرابة لإرادة زيادة التوضيح والتقرير، فإنه أوقع في القلب، وأقمع للخصم، ليرى المتخيل محققًا والمعقول محسوسًا ولذا أكثر الله في كتابه الأمثال وفشت في كلام الأنبياء والمعنى مثلكم مع نبيكم، ومثل من قبلكم مع أنبيائكم "مثل رجل استأجر أجراء" "بضم الهمزة وفتح الراء جمع أجير".
وفي رواية كرجل استأجر عمالًا: جمع عامل، "فقال: من يعمل من الفجر إلى الظهر بقيراط".
زاد في رواية: قيراط، فذكره مرتين ليدل على تقسيم القراريط على جميعهم؛ لأن العرب إذا أرادت تقسيم الشيء على متعدد كررته، كما يقال: أقسم هذا المال على بني فلان درهمًا درهمًا: كما في الفتح: "فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل من الظهر إلى العصر بقيراط"، قيراط بالتكرير أيضًا، كما في رواية، وهو نصف دانق، والمراد هنا النصيب، "فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل من العصر إلى المغرب بقيراطين، فعملتم" أيتها الأمة المحمدية، "فغضبت اليهود والنصارى" أي: الكفار منهم، "وقالوا: نحن أكثر عملًا"؛ لأن الوقت من الفجر إلى الظهر أكثر من وقت العصر إلى الغروب، وتمسك به بعض الحنفية؛ على أن وقت العصر من مصير ظل كل شيء مثليه؛ لأنه لو كان من مصير مثله لكان مساويًا لوقت الظهر.
وقد قالوا: نحن أكثر عملًا، فدل على أنه دون وقت الظهر، وأجيب بمنع المساواة، وذلك معروف عند علماء هذا الفن أن مدة بين الظهر والعصر أطول من مدة بين العصر والمغرب، وما نقله بعض الحنابلة من الإجماع، على أن وقت العصر ربع النهار محمول على التقريب، إذا فرعنا على أن وقت العصر مصير الظل مثله، كما قال الجمهور، وأما على قول الحنفية؛ فالذي من

<<  <  ج: ص:  >  >>