للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية يجب أن يكون شيئًا أعظم من ذلك، وهو الحث على الطاعة والترغيب فيها، فإنا نعلم أن خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ، فهذه الآية عامة في حق جميع المكلفين، وهو أن كل من أطاع الله وأطاع الرسول فقد فاز بالدرجات العالية والمراتب الشريفة عنده تعالى.

ثم إن ظاهر قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُول} أنه يكتفي بالطاعة الواحدة؛ لأن اللفظ الدال على الصفة يكفي في جانب الثبوت حصول ذلك المسمى مرة واحدة، لكن لا بد أن يحمل على غير ظاهره، وأن تحمل الطاعة على فعل جميع المأمورات وترك جميع المنهيات، إذ لو حملناه على الطاعة الواحدة لدخل فيه الكفار والفساق؛ لأنهم قد يأتون بالطاعة الواحدة.

قال الرازي: قد ثبت في أصول الفقه أن الحكم المذكور عقب الصفة مشرع بكون ذلك الحكم معللًا بذلك الوصف، وإذا ثبت هذا فنقول قوله: {وَمَنْ


يجب أن يكون شيئًا أعظم من ذلك"، أي: أنه لا ينحصر في تسلية المحبين له والتخفيف عنهم، بل يشمل ذلك وغيره، "وهو الحث على الطاعة والترغيب فيها، فإنا نعلم أن خصوص السبب لا يقدح في عموم اللفظ"، أي: لا يكون قاصرًا عليه خلافًا لزاعمه، "فهذه الآية عامة في حق جميع المكلفين"، خصهم لوقوع الثواب بعد الأمر المستفاد من قوله: {مَنْ يُطِع} ، إذ لا طاعة فرع الأمر أو النهي، وكلاهما خاص بالمكلف، إذ لا خطاب يتعلق بفعل غيره، وصحة عبادة الصبي وإثابته عليها لا لأمره بها، بل ليعتادها، فلا يتركها إن شاء الله ذلك، "وهو" أي: الأمر الأعظم، "أن كل من أطاع الله وأطاع الرسول فقد فاز": ظفر "بالدرجات اعالية، والمراتب": المنازل "الشريفة عنده تعالى، ثم إن ظاهر قوله تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ} ، أنه يكتفي بالطاعة الواحدة؛ لأن اللفظ الدال على الصفة يكفي في جانب الثبوت حصول ذلكا لمسمى مرة واحدة"، فإذا قيل: صل مثلًا برئ من عهدة الطلب بصلاة واحدة؛ لأن الأمر بالشيء لا يقتضي فورًا ولا تكرارًا، أو خرج بالثبوت النهي، فامتثاله إنما يحصل بترك جمع المنهيات، "لكن لا بد أن يحمل على غير ظاهره، وأن تحمل الطاعة على فعل جميع المأمورات وترك جميع المنهيات، إذ لو حملناه على الطاعة الواحدة لدخل فيه الكفار والفساق؛ لأنهم قد يأتون بالطاعة الواحدة" وذلك غير مراد، فوجب حمله على غير ظاهره.
"قال الرازي" الإمام فخر الدين: "قد ثبت في أصول الفقه أن الحكم المذكور عقب الصفة" كقوله هنا: فأولئك مع الذين ... إلخ، بعد قوله: ومن يطع "مشروع بكون ذلك الحكم،

<<  <  ج: ص:  >  >>