"وقال القاضي عياض وغيره: إنما ابتدئ عليه السلام بالرؤيا لئلا يفجأه الملك ويأتيه صريح النبوة بغتة، فلا تحتملها قوى البشر، فبدئ بأوائل خصال النبوة وتباشير الكرامة" من المرائي الصادقة الصالحة الدالة على ما يئول إليه أمره. وقد روى ابن إسحاق في مرسل عبيد بن عمير: "جاءني جبريل وأنا نائم بنمط من ديباج فيه كتاب، قال: اقرأ، فقلت: ما أقرأ، فغتني حتى ظننت أنه الموت". وذكر أنه فعل به ذلك ثلاث مرات، وهو يقول: "ما أقرأ ما أقول ذلك إلا افتداء منه أن يعود لي بمثل ما صنع، فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: ١] إلى قوله: {مَا لَمْ يَعْلَمْ} [العلق: ٥] ، فقرأتها ثم انصرف عني، وهببت من نومي، فكأنما كتبت في قلبي كتابًا". فذكر الحديث. وذكر السهيلي عن بعض المفسرين: أن الإشارة في قوله تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: ٢] ، للذي جاء به جبريل حينئذ، "انتهى". واعترض على المصنف بأن الأولى تقديم هذا على قوله تكلم العلماء، ورده شيخنا بأن الغرض منه بيان ما يوهم خلاف المراد، فكان الاعتناء ببيانه أهم. "فإن قلت: فلم كرر قوله: "ما أنا بقارئ" ثلاثًا، فأجاب" الأولى حذف الفاء؛ كما في الفتح. "أبو شامة" الإمام الحافظ العلامة أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان المقدسي ثم الدمشقي، الشافعي المقرئ النحوي المتوفى تاسع عشر رمضان سنة خمس وستين وستمائة، ومولده سنة تسع وتسعين وخمسمائة. "كما في فتح الباري" بأن ذلك لحكمة "بأن يحمل قوله أولا على الامتناع، وثانيًا: على