للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووجد العبد ما لو لم يأكله لمات لا يجب عليه بذله لسيده، ويجب البذل للنبي صلى الله عليه وسلم ولو علم العبد أن بموته ينجو سيده لا يلزمه أن يلقي نفسه في التهكلة لإنجاء سيده، ويجب لإنجاء النبي صلى الله عليه سولم، فكما أن العضو الرئيس أولى بالرعاية من غيره؛ لأن عند خلل القلب مثلًا لا يبقى لليدين والرجلين استقامة، فلو حفظ الإنسان نفسه وترك النبي صلى الله عليه وسلم لهلك هو أيضًا بخلاف العبد والسيد، انتهى.

إذا كان رفع الأصوات فوق صوته موجبًا لحبوط الأعمال فما الظن برفع الآراء، ونتائج الأفكار على سنته وما جاء به.

واعلم أن في الرفع والجهر استخفافًا قد يؤدي إلى الكفر المحبط، وذلك إذا انضم إليه قصد الإهانة وعدم المبالاة.


مجاعة، "ووجد العبد ما لو لم يأكله لمات، لا يجب عليه بذله لسيده، ويجب البذل للنبي صلى الله عليه وسلم، ولو علم العبد أن بموته ينجو سيده، لا يلزمه أن يلقي نفسه في التهكلة" أي: الهلاك لإنجاء سيده، "ويجب لإنجاء النبي صلى الله عليه وسلم" على كل أحد، "فكما أن العضو الرئيس أولى بالرعاية من غيره" بقاء الاستئناف، وعلل الأولوية بقوله: "لأن عند خلل القلب مثلًا لا يبقى لليدين والرجلين استقامة" حذف المشبه، أي: كذلك تجب رعايته صلى الله عليه وسلم وفداؤه على المؤمنين بأنفسهم، إذ لو لم يدفع الهلاك عنه وقدم غيره لهلك ذلك الغير، وأشار إلى هذا المعنى بفاء التعليل، فقال: "فلو حفظ الإنسان نفسه وترك النبي صلى الله عليه وسلم لهلك هو أيضًا"، ويحتمل أن الفاء زائدة، والمعنى أن رعايته وتقديمه على النفس مشبهة بالعضو الرئيس في رعايته وتقديمه على بقية الأعضاء، "بخلاف العبد والسيد. انتهى" كلام الرازي.
"إذا كان رفع الأصوات فوق صوته موجبًا لحبوط الأعمال" أي: فسادها وهدرها مصدر لحبط من باب فرح، وفي لغة من باب ضرب، وبهذا قرئ شاذًا، كما قال تعالى: {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُم لَا تَشْعُرُونَ} ، أي: خشية ذلك بالرفع والجهر المذكورين، "فما الظن برفع الآراء": جمع رأي، "ونتائج الأفكار" ما يظهر لها تشبيهًا بنتائج الحيوان، وهو ما يلده "على سنته وما جاء به".
"واعلم أن في الرفع والجهر استخفافًا" بحسب الصورة "قد يؤدي إلى الكفر المحبط، وذلك إذا انضم إليه قصد الإهانة وعدم المبالاة"، وإلا فالرفع والجهر لا يلزمهما الاستخفاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>