للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أن أبا بكر رضي الله عنه، لما نزلت هذه الآية قال: والله يا رسول الله لا أكلمك إلا كأخي السرار، وقد روى وأن عمر كان إذا حدثه حدثه كأخي السرار ما كان يسمع النبي صلى الله عليه وسلم حديثه بعد هذه الآية حتى يستفهمه.

وقد روي أن أبا جعفر أمير المؤمنين ناظر مالكًا في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له مالك: يا أمير المؤمنين، لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فإن الله عز وجل أدب قومًا فقال: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} الآية ومدح قومًا


"وروي أن أبا بكر رضي الله عنه لما نزلت هذه الآية، قال: والله يا رسول الله لا أكلمك إلا كأخي" أي: صاحب "السرار" "بكسر السين مصدر سارة"، أي: الكلام الخفي الذي يراد كتمه.
وفي البخاري عن ابن أبي مليكة: كاد الخيران أن يهلكا أبا بكر وعمر، رفعا صوتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه، ركب بني تميم فأنزل الله: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} .
قال: ابن الزبير: فكان عمر لا يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه، ولم يذكر ذلك عن أبيه، يعني أبا بكر.
"وقد روي؛ أن عمر كان إذا حدثه حدثه كأخي السرار، ما كان يسمع النبي صلى الله عليه وسلم حديثه بعد" نزول "هذه الآية حتى يستفهمه"، وفي الاعتصام من البخاري؛ فكان عمر بعد ذلك إذا حدثه يحدثه كأخي السرار، لا يسمعه حتى يستفهمه، ففي تعبيره بروي في هذا شيء، وفيهما وفي غيرهما نزل؛ {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّون} .
"وقد روي" فيما أسنده القاضي عياض من طريق أبي الحسن علي بن فهراي، مؤلف فضائل مالك بسنده؛ "أن أبا جعفر" المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، "أمير المؤمنين"، ثاني الخلفاء من بني العباس، ولي الخلافة اثنتين وعشرين سنة، وكان محدثًا، فقيهًا، بليغًا، حافظًا للقرآن والسنة، جماعًا للأموال، فلذا لقب أبا الدوانيق، مات سنة ثمان وخمسين ومائة بقرب مكة محرمًا بالحج وله ثلاث وستون سنة، "ناظر" مفاعلة من النظر، بمعنى الفكر، لا لأن كلا منهما ينظر في كلام من يجادله "مالكًا" الإمام في مسئلة فرفع صوته "في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم" ولم يذكروا ناظره فيه؛ لأنه لا يترتب عليه فائدة هنا، "فقال له مالك: يا أمير المؤمنين لا ترفع صوتك في هذا المسجد، فإن الله عز وجل أدب قومًا، فقال: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: ٢] الآية".
روى ابن جرير عن قتادة، قال: كانوا يجهرون له بالكلام ويرفعون أصواتهم، فنزلت:

<<  <  ج: ص:  >  >>