للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ} الآية، وذم قومًا، فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَات} الآية. وإن حرمته ميتًا كحرمته حيًا، فاستكان لها أبو جعفر.

ومن الأدب معه أن لا يجعل دعاؤه كدعاء بعضنا بعضًا، قال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣] وفيه قولان للمفسرين.

أحدهما: لا تدعوه باسمه كما يدعو بعضكم بعضًا، بل قولوا: يا نبي الله يا رسول الله مع التوقير والتواضع، فعلى هذا: المصدر مضاف إلى المفعول، أي: دعاءكم الرسول.


"ومدح قومًا" كالعمرين وثابت بن قيس وغيرهم، "فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُم} " [الحجرات: ٣] "الآية، وذم قومًا" أي: بني تميم "فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُم} " أي: حجرات نسائه بأن أتوها حجرة حجرة، فنادوه أو تفرقوا عليها متطلبين له؛ لأنهم لم يعلموه بأيها مناداة الإعراب، بغلظة وجفاء أكثرهم، لا يعقلون محلك الرفيع وما يناسبه من التعظيم، إذ العقل يقتضي حسن الأدب، وفيه تسلية وتلميح بالصفح عنهم "الآية، وإن حرمته ميتًا كحرمته حيًا" إذ هو حي في قبره، فيجب أن يراعى بعد مماته ما كان له في حياته، "فاستكان": خضع وذل "لها"، لهذه المقالة والموعظة.
وفي نسخة له، أي: لمالك أي: لقوله "أبو جعفر" المنصور، لوضوح استدلاله، "ومن الأدب معه أن لا يجعل دعاؤه كدعاء بعضنا بعضًا.
"قال تعالى: {لَا تَجْعَلُو دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: ٦٣] ، بأن تنادوه باسمه، بل قولوا: يا نبي الله يا رسول الله بلين وتواضع وخفض صوت.
روى أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس، قال: كانوا يقولون: يا محمد يا أبا القسم فأنزل الله {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} ، فقالوا: يا نبي الله يا رسول الله، "وفيه قولان للمفسرين".
"أحدهما: لا تدعوه" وفي نسخة تدعونه على أنه خبر بمعنى النهي "باسمه، كما يدعو" ينادي "بعضكم بعضًا، بل قولوا: يا نبي الله يا رسول الله".
وهذا ما دل عليه سبب النزول المذكور "مع التوقير" الإجلال "والتواضع" وخفض الصوت لآية الحجرات، "فعلى هذا" القول "المصدر مضاف إلى المفعول، أي: دعاءكم الرسول" أي: نداءكم له، "والثاني: أن المعنى لا تجعلوا دعاءه لكم بمنزلة دعاء بعضكم

<<  <  ج: ص:  >  >>