للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: أن المعنى: لا تجعلوا دعاءه لكم بمنزلة دعاء بعضكم بعضًا، إن شاء أجاب وإن شاء ترك، بل إذا دعاكم لم يكن لكم بد من إجابته، ولم يسعكم التخلف عنها البتة، فإن المبادرة إلى إجابته واجبة، والمراجعة بغير إذنه محرمة، فعلى هذا: المصدر مضاف إلى الفاعل، أي دعاءه إياكم، وقد تقدم في الخصائص من المقصد الرابع عن مذهب الشافعي أن الصلاة لا تبطل بإجابته صلى الله عليه وسلم.

ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم أنهم إذا كانوا معه على أمر جامع من خطبة أو جهاد، أو رباط، لم يذهب أحد مذهبًا في حاجة له حتى يستأذنه، كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: ٦٢] . فإذا كان هذا مذهبًا مقيدًا لحاجة عارضة لم


بعضًا، إن شاء أجاب، وإن شاء ترك، بل إذا دعاكم لم يكن لكم بد": فراق ومحالة "من إجابته، ولم يسعكم التخلف عنها البتة" "بقطع الهمزة"، "فإن المبادرة إلى إجابته واجبة، والمراجعة بغير إذنه محرمة"، أي: الرجوع عن تمام ما ندب إليه، لقوله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ} [الأنقال: ٢٤] ، "فعلى هذا المصدر" في دعاء الرسول "مضاف إلى الفاعل، أي: دعاءه إياكم" ولو في الصلاة.
"وقد تقدم في الخصائص من المقصد الرابع عن مذهب الشافعي"، وهو المعتمد في مذهب مالك "أن اصلاة لا تبطل بإجابته صلى الله عليه وسلم"، وقال جماعة: تجب الإجابة، وتبطل الصلاة، "ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم أنهم إذا كانوا معه على أمر جامع من خطبة أو جهاد أو رباط".
وفي الإكليل قال ابن أبي مليكة: الآية في الجهاد والجمعة والعيدين، وقال عطاء: أمر عام، وقال مقاتل: طاعة يجتمعون عليها.
أخرجها ابن أبي حاتم: "لم يذهب أحد مذهبًا في حاجة" عرضت "له حتى يستأذنه، كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ} [النور: ٦٢] ، ففيه وجوب استئذانه قبل الانصراف عنه في كل أمر يجتمعون عليه.
قال الحسن: وغيره صلى الله عليه وسلم من الأئمة مثله في ذلك لما فيه من أدب الدين وأدب النفس.
قال ابن الفرس: ولا خلاف في الغزو أنه يستأذن إمامه إذا كان له عذر يدعوه إلى الانصراف، واختلف في صلاة الجمعة، إذا كان له عذر كالرعاف وغيره، وقيل: يلزمه الاستئذان سوءا كان إمامه الأمير أم غيره، أخذًا من الآية، "فإذا كان هذا مذهبًا"، أي: سببًا يقصد، مقيدًا

<<  <  ج: ص:  >  >>