للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوسع لهم فيه إلا بإذنه، فكيف بمذهب مطلق في تفاصيل الدين، أصوله وفروعه، ودقيقه وجليله، هل يشرع الذهاب إليه بدون استئذانه؟ {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] .

ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم أنه لا يستشكل قوله، بل تستشكل الآراء بقوله، ولا يعارض نصه بقياس، بل تهدر الأقيسة وتلقى لنصوصه، ولا يحرف كلامه عن حقيقته لخيال مخالف، يسميه أصحابه معقولًا، نعم هو مجهول وعن الصواب معزول، ولا يتوقف قبول ما جاء به على موافقة أحد، فكل هذا من قلة الأدب معه صلى الله عليه وسلم وهو عين الجراءة عليه.

ورأس الأدب معه صلى الله عليه وسلم كمال التسليم له والانقياد لأمره، وتلقي خبره بالقبول والتصديق دون أن يحمله معارضة خيال باطل يسميه صاحبه آراء أذهانهم، فيوحد التحكيم والتسليم والانقياد والإذعان، كما وحد المرسل بالعبادة والخضوع والذل


لحاجة عارضة، لم يوسع لهم فيه إلا بإذنه، فكيف بمذهب مطلق في تفاصيل الدين: أصوله وفروعه ودقيقه": قليله "وجليله" كثيره، "هل يشرع الذهاب إليه بدون استئذانه؟، {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ} العلماء {إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] الآية، ذلك فإنهم يعلمونه "ومن الأدب معه صلى الله عليه وسلم أن لا يستشكل قوله"، الثابت عنه بلا معارض راجح، بقوله أيضًا، ونحوه: "بل تستشكل الآراء بقوله: ولا يعارض نصه بقياس"؛ لأه فاسد الاعتبار مع وجود النص، "بل تهدر": تطرح "الأقيسة وتلقى": عطف تفسير لتهدر "لنصوصه، ولا يحرف كلامه عن حقيقته لخيال" أي: ظن "مخالف، يسميه أصحابه معقولًا، نعم هو مجهول، وعن الصواب معزول"، أي: مصروف إلى غيره، "ولا يتوقف قبول ما جاء به على موافقة أحد"، بل يقبل، ثم تارة يعمل به، وتارة لا لقيام دليل غيره على عدم العمل به، "فكل هذا من قلة الأدب معه صلى الله عليه وسلم، وهو عين الجرأة" بزنة غرفة وضخامة، أي: الهجوم بلا توقف، وذلك مذموم "ورأس الأدب معه صلى الله عليه وسلم كمال التسليم له والانقياد": الإذعان "لأمره، وتلقى خبره بالقبول والتصديق دون أن يحمله خيال" ظن" "باطل يسميه صاحبه" معقولًا، أو يسميه شبهة، أو شكا، أو يقدم عليه "آراء" الرجال، "وزبالات أوساخ "أذهانهم": جمع ذهن، وهو الذكاء والفطنة، كما في المصباح، "فيوجد التحكيم"، أي: يجب على كل أحد أن يجعل الحاكم هو النبي صلى الله عليه وسلم، "والتسليم والانقياد والإذعان" من أذعن: انقاد فهو عطف مساوٍ، "كما وحد المرسل" "بكسر السين"، وهو الله سبحانه "بالعبادة"، فجعله مستحقا لها دون غيره، "والخضوع والذل" عطف تفسير، "والإنابة"

<<  <  ج: ص:  >  >>