لأنها رفعته والمرفوع مقدم على الاستنباط ولا سيما مع قبوله للتأويل، بل هو الظاهر منه وبهذا علمت صعوبة قول السيوطي والمصنف مراد جابر أولية مخصوصة بما بعد فترة الوحي، أو بالأمر بالإنذار، أو بقيد السبب، وهو ما وقع من التشديد. وأما {اقْرَأْ} [العلق: ١] فنزلت ابتداء بغير سبب، انتهى. لأن هذا إنما يصح لو لم يقل له السائل أنبئت أن أوله: {اقْرَأْ} [العلق: ١] ، نعم هي أجوبة عن دليله. فإن قلت: كيف حكم النووي وغيره بالضعف بل بالبطلان على المروي عن جابر مع صحة الطريق إليه، كيف وهو أرفع الصحيح مروي الشيخين؟ قلت: حكمه إنما هو على نفس القول الذي صحت نسبته لقائله بصحة إسناده، ونظير هذا في القرآن كثير، وقالوا: يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون، فلا شك أن قولهم باطل، ولا في القطع بأنهم قالوه. "وأما حديث البيهقي" المار "أنه الفاتحة؛ كقول بعض المفسرين، فقال البيهقي: هذا منقطع", فلا حجة فيه؛ لأنه من أقسام الضعيف، "فإن كان محفوظًا" من غير هذا الوجه، "فيحتمل أن يكون خبرًا عن نزولها بعد ما نزلت عليه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق: ١] و {يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: ١] ، فلا حجة فيه للأولية المطلقة، وبهذا يسقط زعم أن رواية البيهقي قبل أن يرى المصطفى جبريل بالمرة. "وقال النووي: بعد ذكر هذا القول: بطلانه أظهر من أن يذكر لمخالفته للمرفوع مع صحته وعدم تطرق الاحتمال إليه لصراحته، ولذا جزم به الجمهور، "انتهى". فتحصل ثلاثة أقوال في أول ما نزل: {اقْرَأْ} ، "المدثر"، "الفاتحة"، وقيل: