"وقد روي أن جبريل عليه السلام أول ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بالقرآن أمره بالاستعاذة؛ كما رواه الإمام" المجتهد المطلق "أبو جعفر" محمد "بن جرير" الطبري البغدادي الحافظ، "عن ابن عباس، قال: أول ما نزل جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم، قال: يا محمد، استعذ، قال: أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم" يحتمل أنه فهم منه هذا اللفظ أو قال له: قال ذلك، كما "قال" له "قل: بسم الله الرحمن الرحيم" فقالها: "ثم قال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١] ، "قال عبد الله" بن عباس: "وهي أول سورة أنزلها على محمد صلى الله عليه وسلم"، ولو صح لكان حكمه الرفع، إذ لا مجال للرأي فيه، لكن "قال الحافظ عماد الدين بن كثير، بعد أن ذكره: وهذا الأثر غريب، وإنما ذكرناه ليعرف فإن في إسناده ضعفًا وانقطاعًا" ولا يقدح ذلك في جلالة مخرجه ابن جرير؛ لأن المحدثين إذا أرادوا الحديث بسنده برئوا من عهدته، "والله أعلم بصحته في نفس الأمر وضعفه". "وقد أورد" الإمام "ابن أبي جمرة" بجيم وراء "سؤالا وهو أنه: لم اختص صلى الله عليه وسلم بغار حراء" الباء داخلة على المقصور عليه، أي: لم قصر نفسه على الخلوة به دون غيره؟ وفي نسخة: لم خص غار حراء؟، أي: لم ميزه؟ والمعنى واحد. "فكان يخلو فيه ويتحنث دون غيره من الواضح وأجاب بأن" المصطفى خصه لأن "هذا الغار له فضل زائد على غيره من جهة أنه منزو مجموع" صفة كاشفة، ففي المختار: زوى الشيء جمعه، ولعل المعنى هنا منعطف مائل عن