للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سبقت لهذا العبد العناية خرجت له العطايا من خزائن المنن، فلما واصلته أمداد الله وأنواره عوفي قلبه من الأمراض والأسقام، فكان سليم الإدراك، فأدرك لذاذة الإيمان وحلاوته لصحة إدراكه وسلامة ذوقه. وقوله صلى الله عليه وسلم: "وبالإسلام دينًا" لأنه إذا رضي بالإسلام دينًا فقد رضي مما رضي به المولى، ولازم من رضي بمحمد نبيًّا أن يكون له وليًّا، وأن يتأدب بآدابه ويتخلق بأخلاقه زهدًا في الدنيا وخروجًا عنها، وصفحًا عن الجناة وعفوًا عمن أساء إليه، إلى غير ذلك من تحقيق المتابعة قولًا وفعلًا، وأخذًا وتركًا، وحبًّا وبغضًا، فمن رضي بالله استسلم له، وانقاد ومن رضي بالإسلام عمل له، ومن رضي بمحمد صلى الله عليه وسلم تابعه، ولا يكون واحد منها إلا بكلها؛ إذ محال أن يرضى بالله ربًّا ولا يرضى بالإسلام دينًا، أو يرضى بالإسلام دينًا ولا يرضى بمحمد نبيًّا، وتلازم ذلك بين لا خفاء فيه، انتهى ملخصًا.

واعلم أن محبة الله تعالى على قسمين: فرض وندب.

فالفرض: المحبة التي تبعث على امتثال الأوامر والانتهاء عن المعاصي،


العمل، "وإذا كان له الرضا من الله أوجده الله حلاوة ذلك، ليعلم ما من" "بشد النون": أنعم "به عليه، وليعلم إحسان الله عليه"، فيزداد شكره، فيزيد ثوابه، "ولما سبقت لهذا العبد العناية" الحفظ "خرجت له العطايا من خزائن المنن"، جمع منه "فلما واصلته أمداد الله": زياداته "وأنواره عوفي قلبه من الأمراض والأسقام": الأمراض المهلكة، "فكان سليم الإدراك، فأدرك لذاذة الإيمان وحلاوته، لصحة إدراكه وسلامة ذوقه"، مما يغير طعمه عليه، "وقوله صلى الله عليه وسلم: "وبالإسلام دينًا" لأنه إذا رضي بالإسلام دينًا فقد رضي مما رضي به المولى" تبارك وتعالى، كما قال: ورضيتت لكم الإسلام دينًا "ولازم من رضي بمحمد نبيًّا أن يكونه له وليًّا"، مواليًا، "وأن يتأدب بآدابه، ويتخلق بأخلاقه زهدًا في الدنيا وخروجًا عنها، وصفحًا عن الجناة", بضم الجيم جمع جان، أي: المذنبين ذنبًا يؤاخذ به، "وعفوًا عمن أساء إليه، إلى غير ذلك من تحقيق المتابعة قولًا وفعلًا وأخذًا وتركًا وحبًّا وبغضًا، فمن رضي بالله استسلم له وانقاد، ومن رضي بالإسلام عمل له، ومن رضي بمحمد صلى الله عليه وسلم" رسولًا "تابعه" متابعة تامة، "ولا يكون" لا يوجد "واحد منها إلا بكلها إذ محال أن يرضى بالله ربًّا ولا يرضى بالإسلام دينًا أو يرضى بالإسلام دينًا ولا يرضى بمحمد نبيًّا، وتلازم ذلك بين لا فخاء فيه. انتهى ملخصًا" كلام ابن عطاء الله.
"واعلم أن محبة الله تعالى"، كما نقله في فتح الباري عن بعضهم "على قسمين فرض

<<  <  ج: ص:  >  >>