للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرضى بما يقدره، فمن قوع في معصية من فعل محرم أو ترك واجب فلتقصيره في محبة الله، حيث قدم هوى نفسه، والتقصير يكون مع الاسترسال في المباحات والاستكثار منها، فيورث الغفلة المقتضية للتوسع في الرجاء فيقدم على المعصية، أو تستمر الغفلة فيقع، وهذا الثاني يسرع إلى الإقلاع مع الندم.

والندب: أن يواظب على النوافل ويجتنب الوقوع في الشبهات، والمتصف بذلك عموم الأوقات والأحوال نادر.

وفي البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه تعالى


وندب، فالفرض المحبة التي تبعث على امتثال الأوامر" المفيدة للفرضية، وأطلقها؛ لأن إطلاقها على غير الواجب مجاز، كما حققه المحلى لا مشترك، "والانتهاء عن المعاصي والرضى بما يقدره" أي: بقدره أن حمل على التقدير الأزلي، أو يقدره حالًا ومآلًا أن حمل على التعلق التنجيزي والصلوحي، "فمن وقع في معصية من فعل محرم أو ترك واجب"، عبر عن الأمرين المتقدمين بواحد، وأن تحته فردين إشارة إلى تلازمهما، وإن اختلفا بحسب المفهوم، وما صدقهما؛ إذ الأول هو الفعل الذي طلبه الشارع طلبًا حازمًا، والثاني الفعل الذي نهى عنه نهيًا جازمًا، "فلتقصيره في محبة الله حيث قدم هوى نفسه" حيثية تعليل، فهو تعليل للتعليل، فإن قيل: يلزم عليه تعليل الشيء بنفسه؛ لأن المعنى: أن الوقوع في المعصية سببه فعلها، الذي هو اتباع هوى نفسه، فالجواب أنه دفع ذلك بقوله: "والتقصير يكون مع الاسترسال في المباحات والاستكثار منها"، ووجه الدفع أن التقصير الذي هو سبب العصيان ليس ناشئًا عن اتباع هوى نفسه، الذي هو المعصية فقط؛ إذ هواها لا يختص بالمعصية، فيحمل على أمر مباح ليصح مغايرة السبب للمسبب "فيورث" ذلك الاسترسال والاستكثار "الغفلة" عما يحمله على امتثال الأمر واجتناب النهي، لغفلته عن الرغبة في الثواب والخوف من العقاب، "المقتضية للتوسع في الرجاء" لرحمة الله، كأن يقوم في نفسه أنه وإن أكثر من الشبهات لا يناله مكروه، "فيقدم" بذلك، أي: يجترئ "على المعصية" ويرجو المغفرة.
زاد في الفتح: "أو تستمر الغفلة فيقع، وهذا الثاني يسرع إلى الإقلاع مع الندم" وإليه يشير حديث: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن" "والندب أن يواظب على النوافل ويجتنب الوقوع في الشبهات"، وهي ما ليس بواضح الحل والحرمة، مما تنازعته الأدلة وتجاذبته المعاني والأسباب، فبعضها يعضده دليل الحرام، وبعضها يعضده دليل الحلال، "والمتصف بذلك عموم الأوقات والأحوال نادر".
زاد المحافظ: وكذا محبة الرسول على قسمين كما تقدم، ويزاد أن لا يتلقى شيئًا من

<<  <  ج: ص:  >  >>