للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العقاب على الترك، بخلاف الفرائض.

وقال الفاكهاني: معنى الحديث أنه إذا أدى الفرائض، وداوم على إتيان النوافل من صلاة وصيام وغيرهما أفضى به ذلك إلى محبة الله تعالى إياه.

وقد استشكل أيضًا: كيف يكون الباري جل وعلا "سمع العبد وبصره" إلخ.

وأجيب بأجوبة:

منها: أنه ورد على سبيل التمثيل، والمعنى: كنت كسمعه وبصره في إيثاره أمري، فهو يحب طاعتي ويؤثر خدمتي كما يحب هذه الجوارح.


قال بعض الأكابر: من شغله الفرض عن النفل، فهو معذور، ومن شغله النفل عن الفرض، فهو مغرور، انتهى.
"أو يجاب، بأن الإتيان بالنوافل لمحض المحبة، لا لخوف العقاب على الترك"فاستحق محبة الله، لكونه لا في مقابلة شيء، "بخلاف الفرائض"، ففعلها مانع من العقاب على تركها، فهو في مقابلة عوض، وإن كانت أفضل.
"وقال الفاكهاني" عمر بن علي بن سالم اللخمي، المالكي، الشهير بتاج الدين الفاكهاني الفقهي، الفاضل، المتفنن في الحديث والفقه والأصول، والعربية والأدب، والدين المتين، والصلاح العظيم، والتخلق بأخلاق الأولياء، وصحب منهم جماعة، وحج غير مرة، وولد بالإسكندرية سنة أربع، وقيل: سنة ست وخمسين وستمائة، ومات بها سنة أربع وثلاثين وسبعمائة، وله مصنفات عديدة.
"معنى الحديث أنه إذا أدى الفرائض، ودام على إتيان النوافل من صلاة وصيام وغيرهما"، وبين الفاكهاني نفسه ذلك الغير، فقال في شرح الأربعين: من صلاة في الليل، أو في النهار، لا سيما التوابع للمفروضات، أو صيام أو صدقة، أو حج تطوع، أو جهاد غير متعين، أو إصلاح بين اثنين، أو جبر خاطر يتيم، أو إغاثة مسلم أو تيسير على معسر أو فعل خير من حيث الجملة "أفضى به ذلك إلى محبة الله تعالى إياه" أي: أوصله لها، فالباء زائدة للتوكيد.
"وقد استشكل أيضًا كيف يكون الباري جل وعلا سمع العبد وبصره ... إلخ". يعني: ويده ورجله، مع أن السمع عرض؛ إذ هو قوة منبثة في مقعر الصماخ، والله تعالى ذات، والذات لا تقوم في العرض، بل العكس مع استحالة حلوله الحق تعالى في غيره، فتضمن السؤال أمرين، كما لا يخفى.
"وأجيب بأجوبة، منها: أنه ورد على سبيل التمثيل والمعنى: كنت كسمعه وبصره

<<  <  ج: ص:  >  >>