للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا في عجائب ملكوتي، ولا يمد يده إلا فيمال فيه رضاي، ورجله كذلك.

وقال غيره: اتفق العلماء -ممن يعتد بقوله- على أن هذا مجاز وكناية عن نصرة العبد وتأييده وإعانته، حتى كأنه سبحانه ينزل نفسه من عبده منزلة الآلات التي يستعين بها، ولهذا وقع في رواية: "فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي"، قال: والاتحادية زعموا أنه على حقيقته، وأن الحق عين العبد، تعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا.

وقال الخطابي: عبر بذلك عن سرعة إجابة الدعاء، والنجح في الطلب، وذلك أن مساعي الإنسان كلها إنما تكون بهذه الجوارح المذكورة.

وعن أبي عثمان الحيرى -أحد أئمة الطريق- قال: معناه كنت أسرع إلى


بتلاوة كتابي، ولا يأنس إلا بمناجاتي" في الصلاة وغيرها "ولا ينظر إلا في عجائب ملكوتي، ولا يمد يده إلا فيما فيه رضاي"، كمدها بالصدقة ونحوها، وعبر هنا بالمد إشارة إلى أن المراد مطلق حركة يده، لا حقيقة المد، وفي الحديث بالبطش لشرفه، وهو الأخذ بقوة "ورجله كذلك"، لا يسعى بها إلا فيما فيه رضاي.
"وقال غيره"، وهو الطوافي: "اتفق العلماء ممن يعتد بقوله" بأفراد الضمير على لفظ من، وهو أكثر، كقوله: ومنهم من يؤمن به "على أن هذا مجاز وكناية عن نصرة العبد"، مصدر مضاف لمفعوله، أي: عن نصرة الله عبده، "وتأييده وإعانته، حتى كأنه سبحانه ينزل نفسه من عبده منزلة الآلات التي يستعين بها"، أي: أن أفعاله لا توجد إلا بإرادته وأقداره عليها، لا أنه بمنزلة الآلة الحقيقية.
"ولهذا وقع في رواية: فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي، قال" ذلك الغير، "والاتحادية" نسبة إلى الاتحاد، وهو تصيير الذاتين ذاتًا واحدة، وهو محال لأنه إن كانت عين كل واحدة منهما موجودة في حال الاتحاد، فهما اثنتنان لا واحدة، وإن عدمت واحدة، فليس ذلك باتحاد، بل عدم إحداهما، وإن عدمتا كان عدم الاتحاد أظهر، "زعموا أنه على حقيقته، وأن الحق عين العبد"، محتجين بمجيء جبريل في صورة دحية، "تعالى الله عما يقول الظالمون علوًّا كبيرًا"، وللشيخ قطب الدين القسطلاني كتاب بديع في الرد عليهم.
"وقال الخطابي: عبر بذلك عن سرعة إجابة الدعاء والنجح" "بضم النون" الظفر بالقصد "في الطلب، وذلك أن مساعي الإنسان" أي: تصرفاته في أعماله "كلها إنما تكون بهذه الجوارح المذكورة".

<<  <  ج: ص:  >  >>