للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواه انتهى.

وقال الخطابي: التردد في حق الله غير جائز، والبداء عليه في الأمور غير سائغ، ولكن له تأويلان.

أحدهما: أن العبد قد يشرف على الهلاك في أيام عمره من داء يصيبه، أو فاقة تنزل به، فيدعو الله فيشفيه منها، ويدفع عنه مكروهًا، فيكون ذلك من فعله كتردد من يريد أمرًا ثم يبدو له فيه فيتركه ويعرض عنه، ولا بد له من لقائه إذا بلغ الكتاب أجله؛ لأن الله قد كتب الفناء على خلقه، واستأثر بالبقاء لنفسه.

والثاني: أن يكون معناه: ما رددت رسلي في شيء أنا فاعله كترديدي إياهم في قبض نفس عبدي المؤمن، كما في قصة موسى عليه السلام، وما كان من


مرضه، يصونه من أهوال الآخرة وآلامها، أو ليزيل عنه المكروهات الدنيوية ويثيبه وهذا أظهر، "ولا أفقره إلا ليغنيه، ولا منعه إلا ليعطيه، ولم يخرجه من الجنة في صلب أبيه آدم إلا ليعيده إليها على أحسن أحواله، فهذا هو الحبيب على الحقيقة لا سواه انتهى". كلام ابن القيم.
"وقال الخطابي: التردد في حق الله غير جائز"؛ إذ لا يكون إلا ممن لا يعلم العاقبة فيتعارض عنده مقتضى الفعل والترك، فيتحير في أيهما أولى ليفعله، والله لا يخفى عليه شيء، فيستحيل التردد منه، "والبداء" "بفتح الموحدة والدال المهملة والمد" ظهور مصلحة كانت خفيت "عليه في الأمور غير سائغ" لأنه محال أن يظهر له شيء كان عنه غائبًا، "ولكن له"، أي: الحديث "تأويلان".
"أحدهما: أن العبد قد يشرف على الهلاك في أيام عمره من داء يصيبه، وفاقة تنزل به، فيدعو الله فيشفيه منها، ويدفع": يزيل "عنه مكروهها، فيكون ذلك من فعله، كتردد من يريد أمرًا، ثم يبدو له فيه، فيتركه ويعرض عنه"، فليس من التردد الحقيقي في شيء "ولا بد له من لقائه"، أي: الموت، "إذا بلغ الكتاب": المكتوب من العمر "أجله" {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً} [الأعراف: ٣٤] ، {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} [المنافقون: ١١] "لأن الله قد كتب الفناء على خلقه" {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ، وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: ٢٦، ٢٧] ، "واستأثر بالبقاء لنفسه"، فكل شيء هالك إلا وجهه.
"والثاني: أن يكون معناه: ما رددت رسلي في شيء أنا فاعله، كترديدي إياهم في

<<  <  ج: ص:  >  >>