للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما منحه الله به مما ذكرت بعضه، حتى يصير من بعض أصحابه، فإذا رسخ في قلبه ذلك فتح عليه بفهم الوحي المنزل عليه من ربه بحيث إذا قرأ السورة شاهد قلبه ماذا أنزلت فيه، وماذا أريد بها، وحظه المختص به منها، من الصفات والأخلاق والأفعال المذمومة، فيجتهد في التخلص منها، كما يجتهد في تحصيل الشفاء من المرض المخوف.

ولمحبة الرسول عليه الصلاة والسلام علامات:

أعظمها الاقتداء به، واستعمال سنته، وسلوك طريقته، والاهتداء بهديه وسيرته، والوقوف عندما حد لنا من أحكام شريعته.

قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] ، فجعل متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم آية محبة العبد ربه، وجعل جزاء العبد على حسن متابعة الرسول محبة الله تعالى إياه، وقد قال الحكيم -وهو محمود الوراق-


"أموره، وكيفية نزول الوحي عليه، ويعرف صفاته وأخلاقه وآدابه"، رياضيات نفسه ومحاسن أخلاقه "وحركاته وسكوته ويقظته ومنامه وعبادته ومعاشرته لأهله وأصحابه، إلى غير ذلك مما منحه"، أعطاه وخصه "الله به مما ذكرت بعضه" فيما سبق "حتى يصير كأنه معه من بعض أصحابه، فإذا رسخ في قلبه ذلك فتح عليه بفهم الوحي، المنزل عليه من ربه، بحيث إذا قرأ السورة شاهد قلبه ماذا أنزلت فيه، وماذا أريد بها، وحظه" نصيبه "المختص به منها من الصفات والأخلاق والأفعال المذمومة، فيجتهد في التخلص منها، كما يجتهد في تحصيل الشفاء من المرض المخوف" بل أقوى للعاقل؛ لأن المرض كفارة، وهذه موبقة، "ولمحبة الرسول عليه الصلاة والسلام علامات" دالة عليها "أعظمها الافتداء به": اتباعه "واستعمال سنته"، أي: طريقته، فعطف "وسلوك طريقته" تفسيري وكذا "والاهتداء بديه وسيرته"، ولا ضير في ذلك؛ لأن المقام أطناب، وسنته شاملة للتأسي به، في الاقتداء به في الشدائد والحروب وغيرهما، وليس مخصوصًا بالعبادات التي سنها، "والوقوف عندما حد"، أي قدر "لنا من أحكام شريعته" سميت الأحكام حدًّا، لمنعها عن الإقدام على ما يخالفها من قول أو فعل أو عزم، فالحد لغة المنع، فإذا أمر أو نهى، فقد منع من ضده.
"قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] "فجعل متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم آية"، أي: علامة "محبة العبد ربه، وجعل جزاء العبد على حسن

<<  <  ج: ص:  >  >>