للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتأمل قوله تعالى: {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] أي الشأن في أن الله يحبكم، لا في أنكم تحبونه، وهذا لا ينالونه إلا باتباع الحبيب.

وقال المحاسبي في كتاب "القصد والرجوع": وعلامة محبة العبد لله عز وجل اتباع مرضاة الله، والتمسك بسنن رسوله الله صلى الله عليه وسلم، فإذا ذاق العبد حلاوة الإيمان، ووجد طعمه، ظهرت ثمرة ذلك على جوارحه ولسانه، فاستحلى اللسان ذكر الله تعالى وما والاه، وأسرعت الجوارح إلى طاعة الله، فحينئذٍ يدخل حب الإيمان في القلب كما يدخل حب الماء البارد الشديد برده في اليوم الشديد الحر للظمآن الشديد العطش فيرتفع عنه تعب الطاعة لاستلذاذه بها، بل تبقى الطاعات غذاء لقلبه وتنعيمًا وسرورًا له، وقرة عين في حقه وتنعيمًا لروحه، يلتذ بها أعظم من اللذات الجسمانية، فلا يجد في أوراد العبادة كلفة.

وفي الترمذي عن أنس مرفوعًا: "ومن أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني


"بحكمه" فقصرت نفسك عليه، "وعن محبة غيره من الخلق" بحبه "وعن طاعة غيره بطاعته" في أوامره ونواهيه "وإن لم تكن كذلك، فلا تتعن" "بفوقيتين وعين مفتوحات وشد النون" أي: لا تتعب نفسك في أمر تتوهم به الوصول إليه "فلست على شيء" من المحبة المقتضية لإقباله عليك، ورفعه إياك في المحل الأعلى "وتأمل قوله تعالى: {فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} أي: الشأن" بالرفع بيان لحاصل المعنى "في أن الله يحبكم لا في أنكم تحبونه، وهذا لا ينالونه إلا باتباع الحبيب" عليه الصلاة والسلام.
"وقال المحاسبي في كتاب القصد والرجوع: وعلامة محبة العبد لله عز وجل اتباع مرضاة الله" أي: رضاه "والتمسك بسنن" جمع سنة "رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا ذاق العبد حلاوة الإيمان ووجد طعمه" باتباع مرضاة الله والسنن، "ظهرت ثمرة ذلك على جوارحه ولسانه، فاستحلى اللسان ذكر الله تعالى، وما والاه" مما فيه طاعة لله، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هذا إن أريد بالذكر ذكر اللسان، "وأسرعت الجوارح إلى طاعة الله، فحينئذٍ يدخل حب الإيمان في القلب، كما يدخل حب الماء البارد الشديد برده في اليوم الشديد الحر للظمآن الشديد العطش، فيرتفع عنه تعب الطاعة لاستلذاذه بها، بل تبقى الطاعات غذاء" "بمعجمتين والمد" "لقلبه" أي: كالغذاء له "وسرورًا له، وقرة عين في حقه، وتنعيمًا لروحه، يلتذ بها أعظم من اللذات الجثمانية" "بضم الجيم ومثلثة" نسبة إلى الجثمان، وهو الجثة.
وفي نسخة: بالسين والجيم مكسورة، أي: أعظم من اللذات الحاصلة للشخص من تناوله ما يلتذ به "فلا يجد في أوراد العبادة كلفه".

<<  <  ج: ص:  >  >>