للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان معي في الجنة".

وعن ابن عطاء: من ألزم نفسه آداب السنة نور الله قلبه بنور المعرفة، ولا مقام أشرف من مقام متابعة الحبيب في أوامره ونواهيه، وأفعاله وأخلاقه.

وقال أبو إسحاق الرقي -من أقران الجنيد: علامة محبة الله إيثار طاعته ومتابعة نبيه صلى الله عليه وسلم.

وعن غيره: لا يظهر على أحد شيء من نور الإيمان إلا باتباع السنة ومجانبة البدعة.


"وفي الترمذي، عن أنس مرفوعًا" ولفظه: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن قدرت أن تمسي وتصبح ليس في قلبك غش لأحد فافعل"، ثم قال: "يا بني، وذلك من سنتي"، "ومن أحيا سنتي" بالإفراد على الأشهر، وبالجمع، "فقد أحبني" أي: علم محبته لي، أي: أظهرها وعمل بها وحث عليها، فشبه إظهارها بعد ترك الأخذ بها بالإحياء، ثم اشتق منه الفعل، فجرت الاستعارة في المصدر أصلية، ثم سرت إلى الفعل تبعًا، ولذا قالوا: السنن كسفينة نوح، اتباعها يدفع البلاء عن أهل الأرض، والسنة إنما سنها لما علم في خلافها من الخطأ والزلل، ولو لم يكن إلا أن الله وملائكته وحملة عرشه يستغفرون لمتبعها لكفى، فقد أحبني، أي: علم حبه لي، "ومن أحبني كان معي في الجنة"؛ لأن المرء مع من أحب.
وفي رواية، "فقد أحياني ومن أحياني"، أي: أظهر ذكري ورفع أمري، فجعله بمنزلة الإحياء، كما قيل:
ويحسبه قد عاش آخر دهره ... إلى الحشر أن أبقى الجميل من الذكر
"وعن" أبي العباس أحمد بن محمد بن سهل "بن عطاء" الآدمي "بفتحتين"، تقدم "من ألزم نفسه آداب السنة، نور الله قلبه بنور المعرفة، ولا مقام أشرف من مقام متابعة الحبيب" لله تعالى "في أوامره ونواهيه، وأفعاله وأخلاقه".
"وقال أبو إسحاق" إبراهيم بن داود القصار "الرقي"، "بفتح الراء وشد القاف" نسبة إلى الرقة مدينة على طرف الفرات، من كبار مشايخ الشام، وصحب أكثر المشايخ بها، وكان ملازمًا للفقر، مجردًا فيه محبًا لأهله، وقال: حسبك من الدنيا شيئان: صحبه فقير وحرمة ولي، وقال: الأبصار قوية، والبصائر ضعيفة، وهو "من أقران الجنيد" وابن الجلاء إلا أنه عمر طويلًا، حتى مات سنة ست وعشرين، وثلاثمائة، "علامة محبة الله إيثار طاعته ومتابعة نبيه صلى الله عليه وسلم" المتابعة التامة، "وعن غيره لا يظهر" وفي نسخ: بالواو، أي: قال: ما مر عن الرقي وزاد، ولا يظهر "على أحد شيء من نور الإيمان إلا باتباع السنة ومجانبة البدعة، فأما من أعرض عن الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>