للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأما من أعرض عن الكتاب والسنة، ولم يتلق العلم من مشكاة الرسول عليه الصلاة والسلام بدعواه علمًا لدنيا أوتيه فهو من لدن الشيطان والنفس وإنما يعرف كون العلم لدنيا روحانيًّا بموافقته لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام عن ربه تعالى، فالعلم اللدني نوعان: لدني رحماني ولدني شيطاني، والمحك هو الوحي، ولا وحي بعد الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأما قصة موسى مع الخضر فالتعلق بها في تجويز الاستغناء عن الوحي بالعلم اللدني إلحاد وكفر، يخرج عن الإسلام، موجب لإراقة الدم، والفرق: أن موسى عليه السلام لم يكن مبعوثًا إلى الخضر، ولم يكن الخضر مأمورًا بمتابعته،


والسنة ولم يتلق العلم من مشكاة الرسول" أي: الأحاديث الواردة عنه "عليه الصلاة والسلام"، وعبر عنها بالمشكاة تشبيهًا لها بالكوة التي يصل النور منها إلى إنسان ببيت، إذا ورد عليه فيه انكشف ما كان خفيًّا عنه بسببه، "بدعواه علمًا لدنيا أوتيه، فهو من لدن الشيطان"، أي: من عنده "و" من عند "النفس، وإنما يعرف كون العلم لدنيا روحانيًّا بموافقته لما جاء به الرسول عليه الصلاة والسلام عن ربه تعالى، فالعلم اللدني"، الآتي لصاحبه من عند غيره "نوعان":
أحدهما: "لدني رحماني" من عند الرحمن تبارك وتعالى، سمي لدنيا لحصوله من الله، لا من كسب العبد "و" ثانيهما: "لدني شيطاني" من عنده لعنه الله "والمحك" "بالكاف" المميز لذلك "هو الوحي، ولا وحي بعد الرسول صلى الله عليه وسلم"، فما وافقه كان لدنيا رحمانيًّا، وما لا فشيطانيًّا.
قال الجنيد: علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة، قال ابن عربي: يريد أنه نتيجة عن العمل عليهما، وهما الشاهدان العدلان.
وفي نسخة: المحل باللام، أي: الذي يتلقى منه العلم عن الله هو الوحي، أي: الكتاب والسنة فما تلقى عن غيرهما، ولم يخرج على قواعدهما، فهو من وسوسة الشيطان، يجب صرفه حالًا، والحكم بأنه ليس من الله، "وأما قصة موسى مع الخضر"، وقوله تعالى: {آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: ٦٥] ، "فالتعلق بها في تجويز الاستغناء عن الوحي بالعلم اللدني الحاد، وكفر يخرج عن الإسلام موجب لإراقة الدم".
وهذا جواب سؤال هو، لا يلزم أن ما أخذ من غير الوحي يكون من الشيطان، لجواز أنه علم غيبي من الله به على عبده، فأوصله إليه من غير طريق الوحي، بدليل قصة الخضر.
"و" الجواب: "الفرق أن موسى عليه السلام لم يكن مبعوثًا إلى الخضر، ولم يكن

<<  <  ج: ص:  >  >>