للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمهور، وجزم الغزالي في "الأحياء" بأنه لا يعاد إلا بعد ليال ثلاث، واستند إلى حديث أخرجه ابن ماجه عن أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعود مريضًا إلا بعد ثلاث. وهذا حديث ضعيف تفرد به مسلمة بن علي، وهو متروك، قال أبو حاتم هو حديث باطل.


"أيضًا عدم التقييد بزمان يمضي من ابتداء مرضه، وهو قول الجمهور" من العلماء، زاد الحافظ: وإنها لا تتقيد بوقت دون وقت، لكن جرت العادة بها طرفي النهار، "وجزم الغزالي في الإحياء، بأنه لا يعاد إلا بعد ليال ثلاث، واستند إلى حديث أخرجه ابن ماجه" في الجنائز من سننه، وابن أبي الدنيا في المرض والكفارات، والبيهقي في الشعب، كلهم من حديث مسلمة بن علي، قال: حدثنا ابن جريج عن حميد الطويل، "عن أنس: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعود مريضًا إلا بعد ثلاث" من الأيام تمضي من ابتداء مرضه، قيل: ومثل العيادة تعهده وتفقد أحواله، قال الزركشي: وهذا يعارضه أنه عاد زيد بن أرقم في رمده قبلها. انتهى.
ويمكن أن ذلك أغلب أحواله، فلا معارضة إن صح الخبر، "و" لكن "هذا حديث ضعيف" جدًَّا "تفرد به مسلمة" بفتح الميمين "ابن علي" بضم العين مصغرًا، وكان يكره تصغير اسمه، وإنما صغر في أيام بني أمية مراغمة من الجهلة، كما في التبصير، وهو الخشني "بضم الخاء وفتح الشين المعجمتين" الدمشقي، مات قبل سنة تسعين ومائة، "وهو متروك" أي تركوا الرواية عنه لضعفه، وما روى له إلا ابن ماجه.
"قال أبو حاتم: هو حديث باطل" موضوع، ونقله الذهبي في الميزان وأقه، وأورده ابن الجوزي في الموضوعات، وتعقبوا بأنه ضعيف فقط لا موضوع؛ فإن مسلمة لم يجرح بكذب، كما قاله الحافظ، فلا التفات لمن غر بزخرف القول، فقال: هو موضوع، كما قال الذهبي وغيره، لكنه إذا راج على البيهقي وابن ماجه، فلا ملام على من راج عليه بعدهما، فهذا كلام فارغ لا يتمشى على القواعد، فإن المدار على الإسناد، فإن تفرد به كذاب أو وضاع، فحديثه موضوع، وإن كان ضعيفًا فالحديث ضعيف فقط، ودعوى رواجه غير مسموعة؛ لأن دأب المحدثين إذا أبرزوا الحديث بسنده، فقد برءوا من عهدته، على أن مسلمة لم يتفرد به، كما زعم المصنف، فقد أخرجه أبو يعلى في مسنده من حديث عباد بن كثير، عن ثابت عن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيام سأل عنه، فإن كان غائبًا عاله، وإن كان شاهدًا أزاره، وإن كان مريضًا عاده، وعباد ضعيف.
وأخرج الديلمي من حديث أبي عصمة عن عبد الرحمن بن الحارث، عن أبيه، عن أنس، رفعه: "المريض لا يعاد حتى يمرض ثلاثة أيام"، وأبو عصمة ضعيف، فقد تابع عباد مسلمة في شيخ شيخه حميد، في روايته عن أنس، وتابعه أيضًا الحارث في روايته عن أنس، فأين التفرد وله

<<  <  ج: ص:  >  >>