للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى، لا سبيل لحصوله إلا من جهته، فإن صلاح القلوب أن تكون عارفة بربها وفاطرها وبأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه، وأن تكون مؤثرة لرضاه ومحابه متجنبة لمناهيه ومساخطه، ولا صحة لها ولا حياة ألبتة إلا بذلك، ولا سبيل إلى تلقي ذلك إلا من جهة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

وأما طب الأجساد، فمنه ما جاء في المنقول عنه صلى الله عليه وسلم، ومنه ما جاء به غيره؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إنما بعث هاديًا وداعيًا إلى الله وإلى جنته، ومعرفًا بالله، ومبينًا لأمته


وفي نسخة: فأما مرض القلوب، وهي أنسب بما قبلها، لكن القصد ذكر الطب لا المرض إلا أن يقدر مضاف أي فأما طب مرض القلوب أو أن نفس معرفة مرضها لا يكون إلا من جهته كالرياء والشرك الخفي ونحو ذلك، وعلى هذا، فمعالجتها عطف مغاير، "فخاص بما جاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن ربه تعالى" أي مقصور عليه، لا يعلم إلا من جهته، إما نصًّا كالأحاديث الواردة فيما يصلح القلوب ويمنعها من الاعتقادات الباطلة والجهالات، وإما استنباطًا، كالأحكام التي استنبطها الأئمة من الأحاديث قياسًا عليها، أو استخراجًا من القواعد التي دلت عليها الأحاديث، "لا سبيل لحصوله إلا من جهته" كالصفة اللازمة لما قبله، وعلله بقوله: "فإن صلاح القلوب أن تكون" أي كونها "عارفة بربها وفاطرها" فاتصافها بذلك عين صلاحها، وخص الرب والفاطر إشارة إلى نعمتي الإيجاد والتدبير، فإنه أنعم عليهم بالإيجاد، ثم بتدبير مصالحهم والقيام بها أبدًا ما بقوا، "وبأسمائه وصفاته وأفعاله" أي أنه متى تعلقت إرادته بشيء كان، "وأحكامه" التي شرعها من إيجاب وندب وغيرها "و" صلاح القلوب أيضًا، "أن تكون مؤثرة لرضاه ومحابه" أي أنها تحرص على ذلك وتقدمه على غيره، وإن كان فيه غاية المشقة عليها، "متجنبة لمناهيه ومساخطه" جمع مسخط، كمقعد ضد الرضا، وهو الغضب، وهو ارتكاب ما نهى عنه، فالمراد منهما واحد، أو أنه من عطف المسبب على السبب، "ولا صحة لها ولا حياة ألبتة إلا بذلك" المذكور من كونها عارفة ... إلخ.
"ولا سبيل إلى تلقي ذلك إلا من جهة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم" هذا غير قوله أولًا: لا سبيل إلى حصوله؛ لأنه وجوده نفسه، والثاني قبوله وأخذه عنه، فاختلف السبيلان.
"وأما طب الأجساد، فمنه ما جاء في المنقول عنه صلى الله عليه وسلم" فيجب اعتقاد حقيقته، وأنه إن تخلف حصول الشفاء عنه، فذلك لمانع قام بالمريض أو الدواء، "ومنه ما جاء عن غيره" ولم يكن كل طب الأجساد منه، "لأنه صلى الله عليه وسلم إنما بعث" هاديًا، فالتعليل لمقدر فهم من السياق، "وداعيًا إلى الله وإلى جنته، ومعرفًا بالله" ما يجب له وما يستحيل عليه وغير ذلك من العقائد، "ومبينًا لأمته مواقع رضاه" النافعة لهم، "وآمرًا لهم بها، و" مبينًا لهم، "مواقع سخطه" الضارة

<<  <  ج: ص:  >  >>