"فمنها حرمان العلم" أي أن المعاصي سبب في حصول ذلك وقيامه بالعبد، "فإن العلم نور يقذفه الله في القلب" وفائدته امتثال الأوامر واجتناب النواهي، "والمعصية تطفئ ذلك النور" فيكون إما سببًا لحرمانه، بحيث لا يدرك شيئًا منه، وإما سببًا لعدم ترتب فائدته عليه، بل قد يكون علمه الذي حصله ضررًا عليه في الدارين، "وللإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه: "شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي" وقال اعلم بأن العلم نور ... ونور الله لا يؤتاه عاصي" وذكر ابن القيم: لما جلس الشافعي بين يدي مالك وقرأ عليه، أعجبه ما رأى من وقور فطنته وتوقد ذكائه وكمال فهمه، فقال: إني أرى الله قد ألقى على قلبك نورًا، فلا تظلمه بالمعصية، "ومنها: حرمان الرزق" الحلال، أو البركة فيه، "ففي المسند" لأحمد، والظاهر أن المراد الحديث المسند، أي المرفوع لقول مغلطاي: إذا كان الحديث في أحد الستة لا يجوز لحديثي نقله من غيرها. انتهى. وهذا الحديث أخرجه النسائي وابن ماجه وأحمد وأبو يعلى وابن منيع والطبراني والضياء في المختارة والعسكري عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الدعاء يرد القضاء، وأن البر يزيد في العمر" "وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه" ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ، وَلَا يَسْتَثْنُونَ} [القلم: ١٧، ١٨] . ويروى عن ابن مسعود رفعه: "إن الرجل ليذنب الذنب، فيحرم به الشيء من الرزق، وقد كان هبيئ، وأنه لينذب فينسى به الباب من العلم قد كان علمه، وأنه ليذنب، فيمنع به قيام الليل" وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة، ويعارضها ما أخرجه الطبراني عن أبي سعيد، رفعه: "إن