للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: وحشة يجدها العاصي في قلبه، بينه وبين الله تعالى، لا يوازيها ولا يقارنها لذة أصلًا.

ومنها: تعسير أموره عليه، فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقًا دونه، أو متعسرًا عليه.

ومنها: ظلمة يجدها في قلبه حقيقة يحس بها، كما يحس بظلمة الليل البهيم إذا أدلهم، وكلما قويت الظلمة ازدادت حيرته حتى يقع في البدع والضلالات والأمور المهلكة وهو لا يشعر، وتقوى هذه الظلمة حتى تعلو الوجه وتصير سوادًا فيه، يراه كل أحد.


الرزق لا تنقصه المعصية، ولا تزيده الحسنة، وترك الدعاء معصية".
وعند العسكري بسند ضعيف، عن ابن مسعود، رفعه: "ليس أحد بأكسب من أحد قد كتب الله النصيب والأجل، وقد قسم المعيشة والعمل، والرزق مقسوم وهو آت على ابن آدم على أي سيرة سارها، ليس تقوى تقي بزائدة، ولا فجور فاجر يناقصه، وبينه وبينه ستر وهو في طلبه".
وعند ابن أبي الدنيا وغيره مرفوعًا: "إن الرزق ليطلب العبد، كما يطلبه أجله"، وفي ذا المعنى أحاديث، ويمكن الجمع بينها كما أشرت إليه؛ بأن الذي يحرمه الرزق الحلال أو البركة فيه أو صرفه في وجوه الخير ونحو ذلك، فلا معارضة.
وأسلفت في مراتب الوحي شيئًا من ذلك، "ومنها: وحشه يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله تعالى لا يوازيها" أي يقابلها، يقال: وازاه موازاة، أي حاذاه، "ولا يقارنها" "بالنون"، أي لا يجتمع معها "لذة أصلًا" بالعبادات وإن فعلها.
قال وهيب ابن الورد لمن سأله: أيجد طعم العبادة من عصى الله سبحانه؟، قال لا، ولا من هم بالمعصية.
"ومنها: تعسير أموره عليه، فلا يتوجه لأمر إلا يجده مغلقًا دونه" بحيث لا يصل إليه بوجه، "أو متعسرًا عليه" بحيث يناله تعب في الوصول إليه.
"ومنها: ظلمة يجدها في قلبه حقيقة، يحس بها كما يحس بظلمة الليل البهيم" الأسود "إذا أدلهم" أي اشتد سواده وكثفت ظلمته، "وكلما قويت الظلمة ازدادت حيوته حتى يقع في البدع" الأمور القبيحة المخالفة للشرع، وإن أطلقت البدع على غير القبيح، فليس المراد هنا كما هو بين، "والضلالات والأمور المهلكة، وهو لا يشعر، وتقوى هذه الظلمة حتى تعلو الوجه وتصير سوادًا فيه يراه كل أحد" بحاسة البصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>