للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما طب الأجساد فغالبه يرجع إلى التجربة. ثم هو نوعان:

نوع لا يحتاج إلى فكر ونظر، بل فطر الله على معرفته الحيوانات، مثل ما يدفع الجوع والعطش والبرد والتعب، وهذا لا يحتاج فيه إلى معالجته طبيب.

ونوع يحتاج إلى النظر والفكر، كدفع ما يحدث في البدن مما يخرجه عن الاعتدال، وهو إما حرارة وإما برودة، وكل منهما، إما إلى رطوبة أو يبوسة، أو إلى ما يتركب منهما، وغالب ما يقاوم الواحد منها بضده، والدفع قد يقع من خارج البدن، وقد يقع من داخله وهو أعسرهما، والطريق إلى معرفته بتحقيق السبب والعلامة.

فالطبيب الحاذق هو الذي يسعى في تفريق ما يضر بالبدن جمعه، أو عكسه، وفي تنقيص ما يضر بالبدن زيادته أو عكسه، ومدار ذلك على ثلاثة أشياء: حفظ الصحبة

والاحتماء عن المؤذي.


"وأما طب الأجساد، فغالبه يرجع إلى التجربة، ثم هو نوعان: نوع لا يحتاج إلى فكر ونظر، بل فطر الله على معرفته الحيوانات" عاقلة وغيرها، "مثل ما يدفع الجوع والعطش والبرد والتعب، وهذا لا يحتاج فيه إلى معالجة طبيب" لمعرفة الحيوانات كلها له، "ونوع يحتاج إلى النظر والفكر، كدفع ما يحدث في البدن مما يخرجه عن الاعتدال، وهو إما حرارة وإما برودة، وكل منهما إما" مائل "إلى رطوبة أو يبوسة، أو إلى ما يتركب منهما، وغالب ما يقاوم" يقابل ويعالج "الواحد منها بضده" وقد يعالج بموافقة لخاصية فيه على زعم الحكماء، "والدفع قد يقع من خارج البدن" كالأدهان والاستحمام بالأدوية، "وقد يقع من داخله، وهو أعسرهما، والطريق إلى معرفته بتحقيق" أي معرفة "السبب" الذي حدث منه المرض، "والعلامة" التي يستدل بها على معرفته، وفي نظم ابن سينا:
فإن أصل الطب أن تدري المرض ... والسبب الحادث منه والعرض
"فالطبيب الحاذق" الماهر في علم الطب، "هو الذي يسعى في تفريق ما يضر" "بضم الياء من أضر رباعيًّا" ولذا عداه بالباء في قوله: "بالبدن" ويتعدى بنفسه ثلاثيًَّا، نحو: لن يضروكم إلا أذى "جمعه" فاعل يضر "بفتح فسكون" "أو عكسه" أي جمع ما يضر بالبدن تفريقه، "وفي تنقيص ما يضر بالبدن زيادته أو عكسه" أي زيادة ما يضر بالبدن نقصه، "ومدار ذلك على ثلاثة أشياء حفظ الصحة والاحتماء عن المؤذي واستفراغ المادة الفاسدة"

<<  <  ج: ص:  >  >>