للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أشير بذلك إلى جواز حلق الرأس الذي منع منه المحرم، لاستفراغ الأذى الحاصل من البخار المحتقن في الرأس تحت الشعر؛ لأنه إذا حق رأسه تفتحت المسام فخرجت تلك الأبخرة منها. فهذا الاستفراغ يقاس عليه كل استفراغ يؤذي انحباسه.

فقد أرشد الله تعالى عباده إلى أصول الطب الثلاثة ومجامع قواعده.

وفي الصحيحين من حديث عطاء عن أبي هريرة قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء".


يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ} [البقرة: ١٩٦] ، {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ} كقمل وصداع، فحلق في الإحرام، {فَفِدْيَة} عليه من صيام لثلاثة أيام أو صدقة أو نسك، "فإنه أشير بذلك إلى جواز حلق الرأس الذي منه منه المحرم" بقوله: ولا تحلقوا رؤوسكم، "لاستفراغ" أي لأجل إخراج "الأذى الحاصل من البخار المحتقن" المحتبس المجتمع "في الرأس تحت الشعر؛ لأنه إذا حلق رأسه تفتحت المسام، فخرجت تلك الأبخرة منها" فترتاح، "فهذا الاستفراغ يقاس عليه كل استفراغ يؤذي انحباسه" من باب قياس لا فارق، "فقد أرشد الله تعالى عباده إلى أصول الطب الثلاثة ومجامع قواعده" وقد قال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨] .
"وفي الصحيحين من حديث عطاء" بن أبي رباح: "بفتح الراء والموحدة" "عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أنزل الله داء" أي مرضًا، وللإسماعيلي: من داء بزيادة من "إلا أنزل له شفاء" أي دواء، وجمعه أشفية، وجمع الجمع آشاف، وشفاء يشفيه أبرأه، وطل له الشفاء، كأشفاه، قاله المصنف، فإذا استعمله المريض، وصادف المرض حصل له الشفاء، سواء كان الداء قلبيًّا أو بدنيًّا. انتهى.
قال الكرماني: أي ما أصاب الله أحدًا بداء إلا قدر له دواء، أو المراد بإنزالهما إنزال الملائكة الموكلين بمباشرة مخلوقات الأرض من الدواء والداء. انتهى.
قال المصنف: فعلى الأول المراد بإنزال التقدير، وعلى الثاني إنزال علم ذلك على لسان الملك للنبي مثلًا، أو إلهام لغيره. انتهى.
وقيل: معنى الإنزال إعلامه عباده، ومنع بأن الحديث أخبر بعموم الإنزال لكل داء ودوائه، وأكثر الخلق لا يعلمون ذلك، كما يصرح به خبر علمه، من علمه وجهله من جهله.
وقيل: عامة الأدواء، والأدوية بواسطة إنزال الغيث الذي تتولد به الأغذية والأدوية وغيرهما،

<<  <  ج: ص:  >  >>