للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أن تكون إحدى العلتين بأحد الرجلين، أو أن الحكة حصلت من القمل فنسبت العلة تارة إلى السبب وتارة إلى المسبب.

قال النووي: هذا الحديث صريح في الدلالة لمذهب الشافعي وموافقيه: أنه يجوز لبس الحرير للرجل إذا كانت به حكة لما فيه من البرودة، وكان للقمل وما في بمعنى ذلك. وقال مالك: لا يجوز، وهذا الحديث حجة عليه، انتهى.

وتعقب قوله: "لما فيه من البرودة" بأن الحرير حار.


طريق وكيع، عن شعبة: رخص النبي صلى الله عليه وسلم للزبير وعبد الرحمن في لبس الحرير "لحكة كانت بهما" وقد رجع ابن التين الرواية التي فيها الحكة على الرواية التي فيها، يعني القمل، وقال: لعل أحد الرواة تأوله فأخطأ، "و" جمع الداودي، فقال: "يحتمل أن تكون إحدى العلتين بأحد الرجلين" زاد الحافظ: "أو أن الحكة حصلت من القمل، فنسبت العلة إلى السبب، وتارة إلى المسبب" ولفظ الحافظ: وتارة إلى سبب السبب.
"قال النووي: هذا الحديث صريح في الدلالة لمذهب الشافعي وموافقيه" كأبي يوسف؛ "أنه يجوز لبس الحرير" للرجل للضرورة، كما "إذا كانت به حكة لما فيه من البرودة، وكذا للقمل، وما في معنى ذلك" كدفع الحر والبرد، ثم المشهور عند القائل بالجواز أنه لا يختص للسفر.
وقال بعض الشافعية: يختص لورود الرخصة فيه، والمقيم يمكنه التداوي.
وحكى ابن حبيب عن ابن الماجشون أنه يستحب في الحرب، قال المهلب: لإرهاب العدو مثل الرخصة في الاختيال فيه، "وقال مالك" وأبو حنيفة: "لا يجوز" لبسه للرجل مطلقًا "وهذا الحديث حجة عليه. انتهى".
ولا حجة فيه؛ لأنها قضية عين لا عموم لها، فتحتمل التخصيص، وهو المتبادر من قول أنس: رخص للزبير وعبد الرحمن، أي لا لغيرهما، وبه قال جماعة؛ لأن له أن يخص من شاء بما شاء، كترخيصه في النياحة لأم عطية، ولأبي بردة في التضحية بعناق من معز، وقال القرطبي: الحديث حجة على من منع إلا أن يدعي الخصوصية بالزبير وعبد الرحمن، ولا تصح تلك الدعوى، وتعقبه الحافظ بأن عمر جنح إلى ذلك، فروى ابن عساكر، عن ابن سيرين أن عمر رأى على خالد بن الوليد قميص حرير، فقال: ما هذا، فذكر له خالد قصة عبد الرحمن، فقال: وأنت مثل عبد الرحمن أو لك مثل ما لعبد الرحمن، ثم أمر من حضره فمزقوه، رجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعًا.
"وتعقب قوله لما فيه من البرودة؛ بأن الحرير حار" بالمشاهدة، "والصواب أن

<<  <  ج: ص:  >  >>