"وقد قال بعض فضلاء الأطباء: رأس الطب الحمية، والحمية للصحيح عندهم" أي الأطباء "في المضرة بمنزلة التخليط للمريض والناقه" بالنون والقاف، أي الذي برئ من المرض، لكنه في عقبه، والمراد الحمية المطلقة للصحيح عن كل شيء ولو وافق مزاجه، فلا ينافي قوله أولا "حمية الأصحاء" "وأنفع ما تكون الحمية للناقه من المرض؛ لأن التخليط يوجب الانتكاس" أي معاودة المرض، "والانتكاس أصعب من ابتداء المرض"؛ لأنه يأتي على قوة، والانتكاس يأتي على ضعف، "والفاكهة تضر" "بضم الفوقية وكسر الضاد" "بالناقه من المرض، لسرعة استحالتها وضعف الطبيعة عن دفعها لعدم القوة". "وفي سنن ابن ماجه، عن صهيب" بن سنان الرومي، "قال: قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر"، فقال: "ادن وكل"، فأخذت تمرا فأكلت، فقال: "أتأكل تمرا وبك رمد؟ " استفهام وتوبيخ، وأمره بالأكل صادق بالخبز أو علم أنه لا يضره أكل التمر، وإنما قصد المباسطة بالاسفهام، "فقلت: يا رسول لله أمضغ من الناحية الأخرى" أي ناحية العين التي لا رمد فيها، لأنه كان بإحدى عينيه، "فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم" تعجبا؛ لأنه لا يفيده المضغ من تلك الناحية في دفع ضرره إن كان يضره، وهذا الحديث بعزوه قدمه المصنف في النوع الثاني استدلالا على طبه للمرض، وأعاده هنا لقوله: "ففيه الإشارة إلى الحمية وعدم التخليط، وأن الرمد يضر به