وحكى الجوهري: الفتح أيضا، وقيل: "بالكسر الفعل، وبالفتح المصدرية"، ورؤية الري على سبيل الاستعارة، كأنه لما جعل الري جسما أضاف إليه ما هو من خواص الجسم, وهو كونه مرئيا "يخرج في أظفاري" جمع ظفر وفي بمعنى على, نحو: {فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} ، أي عليها، وتكون بمعنى يظهر عليها، والظفر إما منشأ الخروج أو ظرفه، والجملة في موضع نصب على الحال إن قدرت الرؤية بمعنى الإبصار، ومفعول ثان لأرى إن قدر بمعنى العلم، واللام للتأكيد، وعبر بصيغة المضارع، والأصل أنه ماض استحضار الصورة الحال، "ثم أعطيت فضلي" , أي ما فضل من القدح الذي شربت منه، "يعني عمر". كذا في إحدى روايات البخاري في التعبير: وكان بعض رواته شك وله في العلم. وفي الرواية الثانية في التعبر: "فأعطيت فضلي عمر بن الخطاب". وفي المناقب: "ثم ناولت عمر". وفي الرواية الثالثة في التعبير: "ثم أعطيت فضلته عمر". أي فضلة اللبن. "قالوا": وفي رواية للبخاري في التعبير، فقال من حوله: "فما أولته؟ " أي عبرته، قال: "العلم"، "بالنصب" أي أولته العلم وبالرفع أي المؤول به هو العلم. وفي رواية سفيان بن عيينة عن الزهري عند سعيد بن منصور: ثم ناول عمر فضله، قال: ما أولته، وظاهره أن السائل عمر، ووقع في جزء الحسن بن عرفة من وجه آخر عن ابن عمر، أنه صلى الله عليه وسلم قال له: "أولوها" قالوا: يا نبي الله هذا العلم الذي آتاكه الله حتى إذا امتلأت فضلت منه فضلة، فأخذها عمر، قال: "أصبتم". وإسناده ضعيف، فإن كان محفوظا احتمل أن يكون بعضهم أول، وبعضهم سأل، أو أن هذا وقع أولا، ثم احتمل عندهم أن يكون عنده في تأويلها زيادة على ذلك، فقالوا ما أولته، ووجه التعبير بذلك من جهة اشتراك اللبن والعلم في كثرة المنافع، وكونهما سببا للصلاح، فاللبن للغذاء البدني، والعلم للغذاء المعنوي، وفيه فضل عمر، وإن من شأن عمر الرؤيا، أن لا تحمل على ظاهرها وإن كانت رؤيا الأنبياء من الوحي، لكن منها ما يحتاج إلى تعبير، ومنها ما يحمل على ظاهره، والمراد بالعلم هنا العلم بساسة الناس، بكتاب الله وسنة رسوله، واختص عمر بذلك لطول مدته بالنسبة إلى أبي بكر، وباتفاق الناس على طاعته بالنسبة إلى عثمان، فإن مدة أبي بكر كانت قصيرة، فلم تكثر فيها الفتوح التي هي أعظم