للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عظيمة في ليلة الأربعاء بعد العشاء ثالث جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين وستمائة وفي يوم الثلاثاء اشتدت حركتها، وعظمت رجفتها، وتتابعت حطمتها، وارتجت الأرض بمن عليها، وعجت الأصوات لبارئها، ودامت الحركة إثر الحركة، حتى أيقن أهل المدينة بوقوع الهلكة، وزلزلوا زلزالا شديدا، من جملة ثمانية عشر حركة في يوم واحد دون ليلته.

قال القرطبي: وكان يأتي المدينة ببركته عليه الصلاة والسلام نسيم بارد, وشوهد من هذه النار غليان كغليان البحر، وانتهت إلى قرية من قرى اليمن


"وفي حديث أبي هريرة عند الشيخين" كليهما في الفتن، "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تقوم الساعة حتى تخرج نار" أي تنفجر "من أرض الحجاز، يضيء لها أعناق الإبل ببصرى"، "بضم الموحدة وفتح الراء" مقصور، ونصب أعناق مفعول يضيء على أنه متعد والفاعل النار، أي تجعل على أعناق الإبل ضوءا، وبصرى مدينة معروفة بالشام، وهي مدينة حوران، بينها وبين دمشق نحو ثلاثة مراحل، وفي كامل بن عدي عن عمر، رفعه: "لا تقوم الساعة حتى يسيل واد من أودية الحجاز بالنار، يضيء له أعناق الإبل ببصرى"، وفي إسناده عمر بن سعيد التنوخي.
قال الحافظ: ذكره ابن حبان، ولينه ابن عدي والدارقطني، وهذا ينطبق على النار المذكورة، "وقد خرجت نار عظيمة على قرب مرحلة من المدينة، وكان بدؤها زلزلة عظيمة في ليلة الأربعاء بعد العشاء ثالث جمادى الآخرة، سنة أربع وخمسين وستمائة" لا خلاف في السنة، وأما اليوم فجزم القرطبي في التذكرة، بما قال المصنف، وقال في جمل الإيجاز: اضطرب الناقلون في تحقيق اليوم الذي ابتدأت فيه، فالأكثر أن ابتداءها كان يوم الأحد، مستهل جمادى الآخرة.
وقيل: ابتدأت ثالث الشهر، وجمع بأن القائل بالأول، لأنها كانت خفيفة إلى ليلة الثلاثاء بيومها، ثم ظهرت ظهورا اشترك فيه الخاص والعام، "وفي يوم الثلاثاء اشتدت حركتها، وعظمت رجفتها، وتتابعت حطمتها" كسرها كلما أتت عليه، "وارتجت" اضطربت "الأرض بمن عليها وعجت" ارتفعت "الأصوات لبائها" خالقها، "ودامت الحركة أثر الحركة حتى أيقن أهل المدينة بوقوع الهلكة"، "بفتحتين" بمعنى الهلاك "وزلزلوا" حركوا "زلزالا شديدا" من شدة الفزع، وهذا إنما نقله المصنف في شرح البخاري، عن القطب القسطلاني في جمل الإيجاز بعد يوم الثلاثاء، ولفظه، وجمع بأن القائل بالأول بأنها كانت خفيفة إلى ليلة الثلاثاء بيومها، ثم ظهرت ظهورا شديدا، واشتدت حركتها إلى آخر ما هنا، وقال عقب قوله: زلزلوا زلزالا

<<  <  ج: ص:  >  >>