للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يؤثر شي من ذلك جملة.

وذهبت طائفة إلى امتناع ذلك عقلا، قالوا: لأنه يبعد أن يكون متبوعا من عرف تابعا. والتعليل الأول المستند إلى النقل أولى.

وذهب آخرون إلى الوقف في أمره عليه الصلاة والسلام وترك قطع الحكم عليه بشيء من ذلك، إذ لم يحل الوجهين منها العقل، وهذا مذهب الإمام أبي المعالي إمام الحرمين وكذا الغزالي والآمدي.

وقال آخرون: كان عاملا بشرع من قبله. ثم اختلفوا: هل يتعين ذلك الشرع أم لا؟ فوقف بعضهم على التعيين وأحجم، وجسر بعضهم على التعيين وصمم، ثم


وتأمرنا بترك ما كنت توافقنا فيه "ولم يؤثر" أي ينقل "شيء من ذلك" المذكور من النقل والظهور والافتخار "جملة" أي أصلا، وكثيرا ما تستعمل بمعنى كافة وعامة، "وذهبت طائفة إلى امتناع ذلك عقلا" أي بدليل عقلي لا دخل للنقل فيه "قالوا" معللين لذلك: "لأنه يبعد أن يكون متبوعا" مقتدى به فيما شرعه الله، وأمره بدعوة الناس إليه "من عرف تابعا" لشرع غيره متعبدا به قبل بعثته.
قال عياض: وبنوا هذا على التحسين والتقبيح العقليين، وهي طريقة غير سديدة، "والتعليل الأول المستند إلى النقل أولى" أحق وأظهر لوجهين، أحدهما: ابتناء الثاني على قول ضعيف كما قاله عياض، والثاني: أن العقل يجوز أنه تابع باعتبار، ومتبوع باعتبار آخر، وإنما يمتنع في جهة واحدة.
"وذهب آخرون" وفي الشفاء طائفة "إلى الوقف في أمره عليه الصلاة والسلام" أي التوقف من غير تعيين لطرف، "وترك قطع الحكم عليه بشيء من ذلك" الحال، المتعلق بعبادته قبل البعثة "إذ لم يحل الوجهين منها" أي المسألة "العقل" أي لم يعده محالا لتساويهما عنده في الإمكان.
زاد عياض: ولا استبان عندها، أي الطائفة في أحدهما طريق النقل، "وهذا مذهب الإمام أبي المعالي" عبد الملك الجويني إمام الحرمين، وقوله: "وكذا الغزالي والآمدي" زيادة على ما في الشفاء.
"وقال آخرون" في الشفاء: وقالت فرقة: "وكان عاملا بشرع من قبله" من الأنبياء، "ثم اختلفوا هل يتعين ذلك الشرع" بتعيين صاحبه "أم لا" فيقال: كان على شرع لم يعلم،"فوقف بعضهم على التعيين وأحجم"، "بحاء فجيم" أي تأخر ولم يجسر عليه لعدم دليل قام عنده على

<<  <  ج: ص:  >  >>