قال الحافظ: فيه تقديم وتأخير، لأن غسل الفرج كان قبل الوضوء، إذ الواو لا تقتضي الترتيب، وقد بين ذلك ابن المبارك عن الثوري عند البخاري، فأتى بثم الدالة على الترتيب في الجميع، ويأتي في المتن قريبا لفظ رواية ابن المبارك، "ثم أفاض عليه الماء" أي على جسده، وللدارقطني: ثم غسل سائر جسده، ولابن ماجه: ثم أفاض على سائر جسده، "ثم نحى رجليه فغسلهما، رواه البخاري" ومسلم وأصحاب السنن، "وفيه التصريح بتأخير غسل الرجلين في وضوء الغسل إلى آخره، وهو مخالف لظاهر رواية عائشة" السابقة، حيث قالت: ثم توضأ كما يتوضأ للصلاة، فإن ظاهره أنه لم يؤخر غسل رجليه كما في الفتح، لا من قولها: ثم يفيض الماء على جلده كله كما وهم فيه الشارح. "ويمكن الجمع بينهما إما بحمل رواية عائشة على المجاز" بأن أطلقت الوضوء مريدة ما عدا غسل رجليه تعبيرا بالكل عن البعض، وفي شرح المصنف للبخاري حمله القائل بالتأخير على أكثر الوضوء حملا للمطلق على المقيد. وأجيب بأنه ليس من المطلق والمقيد، لأن ذلك في الصفات لا في غسل جزء وتركه، "أو بحمله على حالة أخرى" بأن يكون فعل عند كل واحدة ما روته، إذ ليس هو غسلا واحدا "وبحسب اختلاف هاتين الحالتين اختلف نظر العلماء" في أيهما أفضل، "فذهب الجمهور إلى استحباب تأخير غسل الرجلين" مطلقا.